ودعوى انصراف هذه الأخبار عمّن يريد الحجّ من مكّة واختصاصها بمن يريد الحجّ من خارج مكّة ، لصدق المرور على الميقات على من كان خارجاً من مكّة وأراد الحجّ ، وأمّا من كان مجاوراً في مكّة فلا يصدق عليه المرور على الميقات فلا بدّ له أن يحرم من ميقات بلده.
فاسدة ، إذ لا موجب لدعوى الانصراف ، وذلك لصدق المرور على الميقات على من يقصد الحجّ من مكّة أيضاً ، بأن يخرج المقيم في مكّة إلى أحد المواقيت فيحرم منه فإنّه يصدق عليه حينئذ أنّه مرّ على الميقات واجتازه. فالظاهر شمول هذه الرّوايات لمن جاور مكّة أيضاً.
وبالجملة لو كنّا نحن وهذه الرّوايات ولم تكن رواية خاصّة واردة في حكم المقيم لالتزمنا بجواز الإحرام من أيّ ميقات شاء على سبيل التخيير ، هذا كلّه بالنظر إلى ما تقتضيه القاعدة المستفادة من الرّوايات العامّة.
وأمّا بالنظر إلى الروايات الخاصّة الواردة في المقام ، فالمستفاد من بعضها كموثقة سماعة «عن المجاور إله أن يتمتع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال : نعم ، يخرج إلى مهل أرضه فيلبي إن شاء» (١) لزوم الخروج إلى ميقات بلده ومهل أرضه ، ولو تمّت هذه الطائفة لكانت مخصّصة لما دلّ على كفاية الإحرام من أيّ ميقات شاء ، باعتبار إطلاق تلك الأدلّة من حيث حجّ المقيم وحجّ الخارج ، واختصاص هذه الموثقة بالمجاور.
ولكن دلالة الموثقة على وجوب الخروج إلى ميقات بلده مخدوشة ، لتعليق الوجوب على مشيئته وذلك ظاهر في عدم الوجوب ، وإلّا فلا معنى لتعليق الحكم الوجوبي بمشيئته.
وعلى فرض دلالتها على الوجوب فمعارضة بروايات أُخر تدل على عدم تعيين ميقات خاص كموثقة أُخرى لسماعة «فإن هو أحبّ أن يتمتع في أشهر الحجّ بالعمرة إلى الحجّ فليخرج منها حتّى يجاوز ذات عرق ، أو يجاوز عسفان فيدخل متمتعاً
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٦٤ / أبواب أقسام الحجّ ب ٨ ح ١.