ولكن الأخبار مجملة من حيث بيان الخصوصيّات وأفراد العمرة ، إلّا أنّا قد عرفنا من الخارج أنّ عمرة التمتّع واجبة على من بعد عن مكّة بمقدار معيّن ، والمفردة واجبة على القريب من مكّة الّذي وظيفته حج الإفراد أو القِران ، فلا إطلاق للأدلّة على وجوب العمرة المفردة بخصوصها وبعنوانها على جميع المكلّفين حتّى يتمسّك به ، ومع الشك في الوجوب فالمرجع أصالة البراءة.
الوجه الثّاني : أنّه لو فرضنا إطلاق أدلّة وجوب العمرة وشموله للبعيد والقريب وأغمضنا عمّا ذكرنا ، إلّا أنّه لا بدّ من رفع اليد عن الإطلاق للأخبار الدالّة على أنّ العمرة مرتبطة بالحج إلى يوم القيامة ، ولازم ذلك عدم وجوب العمرة مستقلا على المكلّفين ، وإنّما تجب منضمة ومرتبطة بالحج ، وهذه ليست إلّا عمرة التمتّع.
نعم ، قد خرج عن ذلك القريب من مكّة الّذي وظيفته حج الإفراد والقِران ، فإنّ الواجب عليه العمرة المفردة الّتي لا ترتبط بالحج ، ففي كلّ مورد ثبت وجوب العمرة مستقلا فهو وإلّا فلا تجب إلّا المرتبطة بالحج وهي عمرة التمتّع.
ومن الأخبار الدالّة على ما ذكرنا صحيح الحلبي قال «دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة» ونحوه صحيح آخر له (١).
نعم ، العمرة المستحبّة غير مرتبطة ويستحب الإتيان بها مستقلا من البعيد والقريب في أيّ وقت شاء كما في النصوص (٢).
الوجه الثّالث : استمرار السيرة القطعيّة على عدم إيجاب الإتيان بالعمرة المفردة على البعيد ، بل لم يتعارف إتيانها من المسلمين حتّى من النائب الّذي يتمكّن من ذلك في سنة النيابة ، وأنّه لو كان ذلك واجباً لكان من الواضحات لكثرة الابتلاء بذلك مع أنّه لم يعرف القول بالوجوب بها.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٤٠ / أبواب أقسام الحجّ ب ٣ ح ٢ ، ١٤ : ٣٠٧ / أبواب العمرة ب ٥ ح ٧.
(٢) الوسائل ١٤ : ٢٩٨ / أبواب العمرة ب ٢ ، ٣.