الأوّل : لا خلاف بين أصحابنا في حرمة قلع شجر الحرم ونبته على المحرم وغيره وتدل عليه جملة من الأخبار :
منها : صحيح حريز «قال : كل شيء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين» (١) والمذكور فيه وإن كان كل فعل يتعلق بالشجر وإن كان بغير القطع إلّا أنّ المراد به بقرينة بقية الروايات هو قلع الشجر وقطعه كما في صحيح زرارة وغيره ، فعن زرارة قال : «سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : حرّم الله حرمه بريداً في بريد أن يختلى خلاه ويعضد شجره» (٢) اختلى الخلى اختلاءً : جزّه وقلعه ، عضد الشجرة وغيرها قطعها بالمعضد. ويؤيّد برواية أُخرى ضعيفة دالّة على أنّ المحرّم نزع الشجرة (٣).
وبالجملة : لا ينبغي الريب في أنّ المستفاد من الروايات حرمة القطع والقلع ، وأمّا بقية التصرفات كإلقاء الثوب عليه أو شد شيء به ونحو ذلك فغير محرمة خصوصاً التصرفات الحاصلة بعد القطع.
الثاني : أنّ الحكم بالتحريم يختص بما إذا كان القطع أو القلع مقصوداً له بنفسه وأمّا إذا قطع في الطريق بوطي الإنسان أو دابته فالأدلّة منصرفة عنه ، فانّ المقصود حينئذ هو المشي في الطريق لا قطع النبات ولا يضر قطعه من باب الاتفاق ، مضافاً إلى ذلك أنّ النبات أو الشجر كثيراً ما يوجد في الطرق خصوصاً في الأزمنة السابقة قبل تبليط الشوارع والطرق ، ويتفق كثيراً وطئ الإنسان أو دابته له ، ومع ذلك لم يرد منع وردع عن ذلك في الروايات أصلاً ، ولو كان ممنوعاً لظهر وبان ، فيعلم من ذلك أنّ الحكم بالحرمة يختص بالقطع إذا كان مقصوداً.
الثالث : أنّ الممنوع ما صدق عليه عنوان النزع ، وأمّا تعلف الحيوان من النبات والحشيش بطبعه فلا يمنع عنه ولا يجب على المحرم منع الحيوان من ذلك ، لعدم صدق عنوان القلع أو النزع والقطع على ذلك ، وقد ورد في الإبل خاصّة دليل بالخصوص
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٥٥٢ / أبواب تروك الإحرام ب ٨٦ ح ١.
(٢) الوسائل ١٢ : ٥٥٥ / أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ح ٤.
(٣) الوسائل ١٢ : ٥٥٥ / أبواب تروك الإحرام ب ٨٧ ح ٩.