فالنتيجة : أنّه في حال الاختيار يجوز لها أن تسدل ثوبها إلى طرف الأنف حتّى تتمكن من أن تبصر وترى الطريق كما في النص ، والمراد من طرف الأنف هو الطرف الأعلى للأنف ، أي بين الحاجبين ، هذا إذا كانت مأمونة من نظر الأجنبي ، وأمّا إذا كانت في معرض النظر فيجوز لها الإسدال إلى الفم أو النحر.

إيقاظ

ذكر جماعة أنّ الإسدال والتغطية عنوانان وأمران مستقلّان ، لكل واحد منهما حكم مستقل ، أحدهما جائز وهو الإسدال والآخر غير جائز وهو التغطية ، وقد يتحقق أحدهما دون الآخر ، فانّ التغطية إنّما تتحقق بستر الوجه بشي‌ء يمس بالوجه ، والإسدال إنّما هو إسدال الثوب من أعلى الوجه إلى أسفله وإن لم تتحقق المماسة ، فإذا أسدلت الثوب لا بدّ من إبعاده عن وجهها لئلّا تتحقق التغطية والمماسة.

وبالجملة : ذكر هؤلاء الجماعة أنّ الروايات دلّت على جواز الإسدال وهو غير التغطية الّتي تحرم عليها ، ولا منافاة بين جواز الإسدال وحرمة التغطية ، إذ قد يتحقق أحدهما دون الآخر ، فلا تنافي بين الروايات.

وفيه أوّلاً : أن إبعاد الثوب عن الوجه وإن كان أمراً ممكناً في نفسه ولكن يحتاج إلى مئونة وعناية ، والروايات تكفلت جواز الإسدال مطلقاً ، ولم يبين في شي‌ء من الروايات إبعاد الثوب عن وجهها ، بل لم يشر في شي‌ء من الروايات إلى ذلك ، ولو كان واجباً لوجب البيان والتنبيه إلى ذلك ، خصوصاً ، أنّ الثوب إذا اسدل يمس الوجه غالباً بل دائماً.

وثانياً : أن إبعاد الثوب عن الوجه لا ينافي عنوان التغطية ، بل التغطية تتحقق ولو بابعاد الثوب عن الوجه ، وستره غير دخيلة في عنوان التغطية ، فإن عنوان التغطية يتحقق ولو بعدم اتصال الشي‌ء إلى جسمه ، كحصول تغطية الرأس بالطربوش المسمّى في عرفنا بالكشيدة ، أو غطى رأسه بالقدر ، فان أطراف ذلك يتصل بالرأس ولكن لا يتصل ولا يماس داخله بالرأس ، بل هو مبتعد عنه كما هو ظاهر ، ومع ذلك يصدق

۵۵۴