الثانية : ما دلّ على جواز الادهان للعلاج والتداوي كصحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إذا خرج بالمحرم الخراج أو الدمل فليبطّه وليداوه بسمن أو زيت» كما في نسخة التهذيب (١) وفي الكافي «فليربطه وليتداو بزيت أو سمن» (٢) وفي صحيحة ابن مسلم «عن محرم تشققت يداه ، قال فقال : يدهنها بزيت أو سمن أو إهالة» (٣) إهالة : الشحم المذاب.
ولا يخفى أنّ الاستدلال بهذه الروايات ضعيف جدّاً ، لأن موردها العلاج والتداوي والضرورة ولا مانع من الالتزام بذلك ، وكلامنا في مطلق الاستعمال ولو في غير حال العلاج ، فلا مجال لرفع اليد عن الروايات المصرّحة بالمنع كصحيحة الحلبي المتقدِّمة وصحيح معاوية بن عمار وغيرهما من المعتبرات.
إيقاظ : ذهب المحقق في الشرائع في باب المحظور الثاني من كفارات الإحرام إلى وجوب الشاة جزماً على من تطيب ، ثمّ ذكر بعد المحظور السابع أن من استعمل دهناً طيباً في إحرامه ولو في حال الضرورة كان عليه شاة على قول (٤) ، فيظهر منه التردد في المورد الثاني.
أقول : لا ريب في حرمة استعمال الدهن الطيب لما دلّ من النصوص على حرمة الادهان ، وأمّا الكفّارة فغير ثابتة عنده ، فيعلم منه قدسسره أنّ الادهان بالدهن الطيب ليس من استعمال الطيب المتعارف المسمى في عرفنا بالعطور ، فانّ الطيب اسم لجسم خاص تكون فائدته الاشتمام والتطيب به ، وليس مجرد وجود رائحة طيبة في جسم موجباً لدخوله في عنوان الطيب والعطور ، وإلّا لكان أكثر الأجسام الّتي لها رائحة طيبة داخلة في العطور كالسفرجل والتفاح والأُترنج ، ونحو ذلك ، وهذا باطل قطعاً.
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٠٤ / ١٠٣٦ ، الوسائل ١٢ : ٤٦٢ / أبواب تروك الإحرام ب ٣١ ح ١.
(٢) الكافي ٤ : ٣٥٩ / ٦.
(٣) الوسائل ١٢ : ٤٦٢ / أبواب تروك الإحرام ب ٣١ ح ٢.
(٤) الشرائع ١ : ٣٤١ ، ٣٤٣.