«المحرم لا يصلح له أن يعقد إزاره على رقبته ، ولكن يثنيه على عنقه ولا يعقده» (١).
وقد ذكرنا غير مرّة أن طريق صاحب الوسائل إلى كتاب علي بن جعفر صحيح لأن طريقه يصل إلى طريق الشيخ وطريق الشيخ إلى الكتاب صحيح (٢). وأمّا دلالته على المنع فواضحة ، لأن نفي الصلاح ظاهر في كونه غير قابل وغير صالح للامتثال به ، وكذا رواية سعيد الأعرج ظاهرة في المنع عن عقد الإزار ، لأن سعيد الأعرج لا يسأل عن وجوب عقد الإزار حتّى يكون النفي راجعاً إلى نفي الوجوب ، إذ لا نحتمل أن مثل سعيد الأعرج يسأل عن وجوب العقد ، بل سؤاله عن الجواز فيكون النفي وارداً على الجواز ، فلا ريب أن مقتضى الصحيحتين عدم الجواز ، ولكن المشهور بين الأصحاب هو الجواز ، وقد صرّح العلّامة وغيره بجواز عقده (٣) ، ولذا يكون الحكم بالمنع عن عقد الإزار مبنياً على الاحتياط الوجوبي ، هذا بالنسبة إلى عقد الإزار في العنق كما هو المتعارف فيما إذا كان الإزار كبيراً واسعاً.
وأمّا عقد الرداء في العنق وإن لم يكن أمراً متعارفاً في نفسه فعن العلّامة والشهيد عدم الجواز (٤) والتزما بالجواز في الإزار ، ولعل الوجه في المنع توهم ذكر الرداء بدل الإزار في النص ، ولكنّه ضعيف جدّاً ، لأنّ المذكور في الصحيح هو الإزار وهو المتعارف عقده في العنق ، ويمكن بعيداً إرادة الرداء من الإزار كما هو المراد من إزار الميت ولا يراد منه المئزر ، ولكن الإزار في مقامنا مقابل الرداء والمراد به المئزر المعبر عنه بالفارسي بـ «لنگ».
وبالجملة : ما ذكره العلّامة وغيره من جواز عقد الإزار لا يساعده النص ، كما أن ما ذكروه من عدم جواز عقد الرداء لا دليل عليه.
وأمّا غرز المئزر ، فقد ورد النهي عنه في الاحتجاج (٥) ، والمشهور لم يلتزموا بالمنع ،
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٥٠٢ / أبواب تروك الإحرام ب ٥٣ ح ٥.
(٢) الفهرست : ٨٧.
(٣) المنتهي ٢ : ٧٨٣ السطر ٨ ، التذكرة ٧ : ٣٠١.
(٤) التذكرة ٧ : ٣٠٠ ، الدروس ١ : ٣٤٤.
(٥) الوسائل ١٢ : ٥٠٢ / أبواب تروك الإحرام ب ٥٣ ح ٣ ، الاحتجاج ٢ : ٥٧٤.