ولكن صاحب الوسائل صرّح في عنوان الباب الثاني عشر من كفارات الاستمتاع باستحباب البقاء إلى الشهر القابل ، وكذا المحقق ذكر أنّ الأفضل هو البقاء إلى الشهر القادم (١) ، ولم نعرف وجهاً لما ذكراه فانّ الظاهر من الروايات وجوب البقاء إلى الشهر القادم ، فكأنّ العمرة الفاسدة حكمها حكم الصحيحة من لزوم الفصل بين العمرتين بشهر واحد ، لأن لكل شهر عمرة ، فحمل كلمة «عليه» على الاستحباب أو الأفضلية بلا وجه أصلاً.
وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في لزوم الإتيان بعمرة أُخرى في الشهر القادم ، ولا يجوز تقديمها عليه ولا تأخيرها عنه عملاً بالروايات.
وهل يجب عليه إتمام العمرة الفاسدة ، أو يرفع اليد عنها؟ لعل الشهرة على عدم وجوب الإتمام ، وذهب بعضهم إلى الوجوب ومال إليه في الجواهر واستدلّ على ذلك بوجوه (٢).
الأوّل : الاستصحاب ، بتقريب أن قبل الإفساد كان الإتمام واجباً ويشك في ارتفاعه بعد الإفساد فيستصحب. وفيه : أنّ الإتمام قبل الإفساد إنّما وجب باعتبار صحّة العمرة وشمول الآية لها ، وأمّا بعد الإفساد تكون العمرة فاسدة فاختلف الموضوع وتعدد ، فلا يمكن استصحاب حكم موضوع لموضوع آخر. على أنّه لا نسلّم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية كما حققناه مفصلاً في المباحث الأُصولية (٣).
الثاني : أنّ الرجل صار محرماً بالإحرام ولا يحل إلّا بالإتيان بمحلل ، فقبل الإتيان بالمحلل فهو باق على إحرامه.
والجواب : أن بقاءه على الإحرام من آثار صحّة الإحرام ، ومع فرض فساد إحرامه وعمرته ينكشف أنّ الإحرام من الأوّل كان فاسداً ، فلا مجال للإتمام لينحل به ، بل ينحل بنفس الجماع.
__________________
(١) الشرائع ١ : ٣٤١.
(٢) الجواهر ٢٠ : ٣٨٤.
(٣) مصباح الأُصول ٣ : ٣٦.