الاولى : ما إذا كان الدّين حالاً وكان المديون باذلا ، فاللّازم مطالبته لصدق الاستطاعة بذلك وكونه واجداً لما يحجّ به ، إذ لا فرق في ملكه للزاد والرّاحلة بين ما يملكهما عيناً أو قيمة وبدلاً.
الثّانية : أن يكون الدّين حالاً والمدين مماطلاً غير باذل ، فإن أمكن إجباره ولو بالرّجوع إلى المحاكم العرفيّة وجب لصدق الاستطاعة بذلك ، ومجرّد الاستعانة بالغير لا يوجب خروج ذلك عن الاستطاعة فيما لو لم يكن في الاستعانة حرج عليه ، فإنّ ذلك نظير ما إذا توقّف الحصول على ماله على علاج ، كما إذا كان له مال مدفون في الأرض أو كان في صندوق وتوقف التصرّف فيه على حفر الأرض أو فتح الصندوق ولو بأن يستأجر أحداً لذلك ، فإنّ القدرة التكوينيّة إذا كانت متوقّفة على مقدّمات يجب عقلاً تحصيل تلك المقدّمات ولا يوجب ذلك سقوط الواجب. وأمّا المنع عن الرّجوع إلى حاكم الجور للنهي عن الركون إليه والاستعانة به ، فقد ذكرنا في محلِّه (١) أنّ الأقوى جواز الرّجوع إليه إذا توقف استيفاء الحق وإنقاذه عليه.
الثّالثة : ما إذا كان الدّين مؤجلاً ولكن المدين يبذله قبل الأجل لو طالبه الدائن فالظاهر أيضاً وجوب المطالبة لصدق الاستطاعة ، ومجرّد توقف التصرّف على المطالبة لا يوجب عدم صدق الاستطاعة ، فإنّ ذلك كالمال الموجود في الصندوق الّذي يحتاج فتحه إلى العلاج.
الرّابعة : ما إذا كان المدين معسراً أو مماطلاً ولا يمكن إجباره ، أو كان الإجبار مستلزماً للحرج ، أو كان الدّين مؤجّلاً والمدين لا يدفعه قبل الأجل ، ففي جميع ذلك لو تمكّن من بيعه نقداً بأقل منه كما هو المتعارف يجب عليه بيعه ، لصدق الاستطاعة بذلك وأنّه واجد لما يحجّ به ، وقد عرفت أنّه لا يعتبر في صدق الاستطاعة وجود ما يحجّ به عيناً ، بل تصدق الاستطاعة على من يملك ما يحجّ به ولو بدلاً أو قيمة.
__________________
(١) شرح العروة ١ : ٣٠٧.