كما جزم به في الحدائق ، وذكر أن قوله : «جراداً كثيراً» في الخبر وقع سهواً من قلم الشيخ ، وإنّما السؤال عن جرادة واحدة وكم له (رضوان الله تعالى عليه) مثل ذلك في الأسانيد والمتون ، وإلّا فلو كانت كلمة «كثيراً» ثابتة فالخبر المذكور لا يخلو من تناف ، انتهى (١).

وبالجملة فالصحيح ما في الاستبصار لا ما في التهذيب ، والوجه في ذلك : أنّ الكثرة والقلّة والأكثر قد تكون ملحوظة بالنسبة إلى الموجود الخارجي المحدّد كالدراهم فيقال : هذه الدراهم بالإضافة إلى دراهم أُخر أكثر وذاك كثير بالإضافة إلى هذا وهذا قليل بالنسبة إلى ذاك وهكذا ، فالأكثر بإزائه الكثير فهو أزيد عدداً وأفراداً من الكثير ، وأمّا الكثير إذا أُطلق ولم يكن في قبال الأكثر فبإزائه القليل النادر فيكون الكثير أوسع شمولاً من قولنا الأكثر ، فإذا قيل هذا كثير وذاك أكثر ينطبق عنوان الأكثر على كل واحد من الأعداد الكثيرة ، لأنّها أزيد ممّا قبله فلا ينضبط ، فإذا قلنا إن قتل جراداً كثيراً ففيه طعام وإن قتل أكثر ففيه شاة ، قد ينطبق عنوان الأكثر على الأزيد من عشرين مثلاً وعلى الأزيد من ثلاثين وعلى الأزيد من عشرة وهكذا ، ولذا ذكر في الحدائق أن معنى الخبر على نسخة التهذيب لا يخلو من تناف ، فلنفرض أنّه قتل ثلاثين ففيه طعام وإذا قتل أكثر من ثلاثين ففيه شاة ، وكذا لو قتل عشرين ففيه طعام لصدق الكثير على عشرين ، وإذا قتل أكثر من عشرين ولو بواحدة ففيه شاة فالشاة قد ثبتت في قتل الأزيد من عشرين وثبتت في قتل الأزيد من ثلاثين ، وهذا ممّا لا معنى له.

وقد يكون الملحوظ هو الجنس أي جنس الجرادة فلا معنى للأكثر ، إذ لا شي‌ء من الأعداد فرض هنا ليقال إن هذا أكثر منه ، فما في التهذيب غلط ، بل الصحيح ما في الاستبصار ، ومعنى الخبر المذكور في الاستبصار أنّه لو قتل جراداً ففيه طعام ، وهذا مطلق من حيث إنّه قتل واحدة أو أكثر من الواحدة ، ويقيد بما دلّ على أن في قتل

__________________

(١) الحدائق ١٥ : ٢٤٦.

۵۵۴