وأمّا البدل الثاني وهو الصوم فتنقيح البحث فيه يتم برسم أُمور :

الأوّل : لو عجز عن إطعام الستّين فهل يجب عليه صيام شهرين أو ثمانية عشر يوماً؟

الروايات في المقام مختلفة ، ففي بعض الصحاح ورد صيام شهرين كصحيحة أبي عبيدة لقوله : «صام لكل نصف صاع يوماً» (١) بناءً على إعطاء كل مسكين مدين ، وفي صحيحة ابن مسلم «فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوماً» (٢) والمفروض إطعام الستّين. وفي صحيح ابن جعفر صيام ثمانية عشر يوماً (٣) ، وكذلك في صحيح معاوية بن عمار (٤) وصحيحة أبي بصير على طريق الصدوق (٥).

المشهور بينهم أنّ الاختلاف في الروايات من جهة اختلاف مراتب التمكّن ، بمعنى أنّ الواجب أوّلاً صيام شهرين إن تمكن ، ولو عجز عن صوم الستّين صام ثمانية عشر يوماً ، كما في الشرائع (٦) وغيره.

ولم يظهر الوجه في ذلك ، وتقييد الأوّل بالمتمكن والثاني بالعاجز تقييد تبرعي.

وذكر في الجواهر أنّ التقييد المزبور هو المتعين ، لأن حمل الشهرين على الفضل مجاز ، والتقييد أولى (٧).

وفيه : ما ذكرناه في محلِّه من أنّ الوجوب والاستحباب خارجان عن المدلول اللفظي ، وإنّما يفهم الوجوب والاستحباب من الخارج من اقتران التكليف بالترخيص وعدمه (٨).

__________________

(١) الوسائل ١٣ : ٨ / أبواب كفارات الصيد ب ٢ ح ١.

(٢) الوسائل ١٣ : ١١ / أبواب كفارات الصيد ب ٢ ح ١٠.

(٣) الوسائل ١٣ : ١٠ / أبواب كفارات الصيد ب ٢ ح ٦.

(٤) الوسائل ١٣ : ١٣ / أبواب كفارات الصيد ب ٢ ح ١٣.

(٥) الوسائل ١٣ : ١٢ / أبواب كفارات الصيد ب ٢ ح ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٣٣ / ١١١٢.

(٦) الشرائع ١ : ٣٢٧.

(٧) الجواهر ٢٠ : ٢٠٢.

(٨) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ١٣١.

۵۵۴