ولو كان جواز القتل مختصّاً بما أراده لم يكن وجه لذكر المذكورات بالخصوص بل كان حالها حال جميع السباع ، مضافاً إلى أنّ الفأرة لا تريد الشخص بل تهرب من الإنسان ، ولعل العقرب كذلك.
على أنّ اختصاص الحيّة بما إذا أرادت يدل على أنّ المذكورات غير مختصّة بصورة الإرادة وأنّ الحكم مطلق.
وأمّا قوله : «والأسود الغدر فاقتله على كل حال» فلا يوهم اختصاص القتل المطلق به ، بل هذا استثناء من الحيّة الّتي لا تقتل على كل حال ، وأنّ هذا القسم من الحيّة يقتل مطلقاً ، فإطلاق الصدر على حاله.
ويدل عليه أيضاً إطلاق صحيح الحلبي قال «يقتل في الحرم والإحرام الأفعى والأسود الغدر وكل حيّة سوء ، والعقرب والفارة هي الفويسقة» (١).
وأمّا صحيح حسين بن أبي العلاء عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «قال لي : يقتل المحرم الأسود الغدر والأفعى والعقرب والفارة ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله سمّاها الفاسقة والفويسقة ، ويقذف الغراب ، وقال : اقتل كل واحد منهنّ يريدك» (٢) فربّما يوهم الاختصاص بصورة الإرادة ، ولكن قد عرفت أنّ الرّواية مشتملة على ما لا يريد كالفأرة فلا تتحقق الإرادة في موردها ، بل الظاهر أنّ قوله عليهالسلام : «اقتل كل واحد منهنّ يريدك» حكم آخر وجوبي يختص بصورة الإرادة فإنّه يجب القتل حينئذ دفعاً للخطر والضرر العظيم ، فلا يوجب تقييد الحكم بالجواز في الصدر بذلك.
عود على بدء : سبق لنا أن ذكرنا الرّوايات المجوّزة لذبح المحرم الحيوانات الأهليّة (٣) ، فقد روى الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «يذبح
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٥٤٦ / أبواب تروك الإحرام ب ٨١ ح ٦.
(٢) الوسائل ١٢ : ٥٤٦ / أبواب تروك الإحرام ب ٨١ ح ٥.
(٣) راجع ص ٢٩٨.