فيما إذا لم يخف منها على نفسه ولم ترده السباع والحيات ، إنّما الكلام في سنده والظاهر أنّه مرسل ، لأنّ الكليني يرويه عن حريز عمّن أخبره (١) ، والشيخ يرويه عن حريز عن الصادق (٢) عليهالسلام وقد ذكرنا غير مرّة أنّه من البعيد جدّاً أنّ حريزاً يروي لحماد تارة مسنداً إلى الإمام وأُخرى مرسلاً ، فالرواية مترددة بين كونها مرسلة أو مسندة ، ولا ريب أنّ الكليني أضبط من الشيخ ، فالتعبير عنه بالصحيح كما في الجواهر (٣) والحدائق (٤) في غير محلِّه.
فالصحيح أن يستدل بصحيح عبد الرّحمن العرزمي ، عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي عليهمالسلام قال : «يقتل المحرم كلّما خشيه على نفسه» (٥).
وأمّا الثّاني : وهو الحكم الوضعي وأنّه هل تثبت الكفّارة في قتل السباع أم لا؟ ادّعي الإجماع على أنّه لا كفارة في قتل السباع سواء قيل بجواز القتل أم لا ، كما إذا قتل النمر الّذي لم يخف منه ولم يرده ، لعدم الدليل على الكفّارة ، وأمّا قوله تعالى ﴿... وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ ... (٦) فخاص بالحيوانات الّتي لها مماثل كالنعامة ، ومثلها البدنة والظبي ، ومثلها المعز والشاة وبقر الوحش ، ومثلها البقرة الأهليّة وسيأتي بيان ذلك في محلِّه.
هذا كلّه في غير الأسد ، وأمّا الأسد ففيه خلاف ، فذهب بعضهم إلى ثبوت الكفّارة فيه واستدلّ بما رواه الكليني عن داود بن أبي يزيد العطّار ، عن أبي سعيد المكاري قال : «قلت : لأبي عبد الله عليهالسلام رجل قتل أسداً في الحرم قال : عليه كبش يذبحه» (٧).
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٦٣ / ١.
(٢) التهذيب ٥ : ٣٦٥ / ١٢٧٢.
(٣) الجواهر ٢٠ : ١٧٩.
(٤) الحدائق ١٥ : ١٥٤.
(٥) الوسائل ١٢ : ٥٤٦ / أبواب تروك الإحرام ب ٨١ ح ٧.
(٦) المائدة ٥ : ٩٥.
(٧) الوسائل ١٣ : ٧٩ / أبواب كفارات الصّيد ب ٣٩ ح ١ ، الكافي ٤ : ٢٣٧ / ٢٦.