قلنا بأنّ التنزيل بلحاظ أظهر الآثار وأبرزها فالتنزيل يشمل الأثر الظاهر البارز كما في نظائره كقوله عليه‌السلام في العصير : «خمر لا تشربه» (١) والحكم البارز هناك حرمة الشرب ، ولذا لم نقل بنجاسة العصير ، وهكذا المقام ، فإنّ الأثر البارز هو حرمة الأكل وعدم جواز الصلاة فيه لا النجاسة.

وبالجملة : مذبوح الحرم يعد من محرم الأكل ، لأنّه لو ذبحه المحرم أو المحل يحكم بحرمته على كل تقدير ، فلا يجوز أكله ولا الصلاة فيه.

وأمّا الثّاني : فهو ما يذبحه المحرم في الحل ، فلا يعد الحيوان المذبوح من الحيوان المحرم الأكل في نفسه ، وإنّما يحرم أكله من جهة حرمة ذبحه من المحرم نظير حرمة الحيوان من جهة فقد بعض شرائط التذكية ، كما إذا كان الذابح كافراً أو ذبح بغير الحديد أو إلى غير القبلة ، فالحيوان في نفسه ليس محرم الأكل فإنّه قابل لوقوع التذكية عليه إذا ذبحه المحل نظير ما إذا ذبحه المسلم بالحديد ، فعدم الصلاة فيه والحكم بنجاسته مبنيان على عموم التنزيل ، فيفرق الحال بين ما ذبحه المحرم في الحل وبين ما ذبح في الحرم فإنّ الثّاني محرم الأكل على كل تقدير ويعد من الحيوانات المحرمة الأكل ولو بالعرض ، بخلاف الأوّل فإنّه يحرم أكله لأجل فقد بعض شرائط التذكية ، وهو كون الذابح محلّاً.

وهذا كلّه من باب مسايرة القوم فيما ذهبوا إليه ، ولكن جميع ما ذكر ممّا لا أساس له ، فإنّ ذلك يتوقف على كون إطلاق الميتة من باب التنزيل ، والظاهر أنّه لا موجب للالتزام بذلك ، لأنّ إطلاق الميتة عليه كما في النص (٢) حكم شرعي تعبّدي ، ولا قرينة على تنزيله وتشبيهه بالميتة.

نعم ، قامت القرينة على تنزيل العصير منزلة الخمر ، لأنّ العصير ليس مصداقاً للخمر جزماً ، فإنّ الخمر ما خامر به العقل ونحو ذلك من المعاني الّتي لا تنطبق على

__________________

(١) لم ترد هذه الجملة في العصير وإنّما ورد نحوها في الفقاع ، راجع الوسائل ٢٥ : ٣٦١ / أبواب الأشربة المحرمة ب ٢٧ ح ٨.

(٢) وهو معتبرة إسحاق المتقدّمة في ص ٢٨٠.

۵۵۴