فإنّه لو كنّا نحن وهذه الآية لقلنا بعدم وجوب العدّة على البائن كالطلاق الخلعي والطلاق الثالث لأنّ قوله تعالى ﴿... وَبُعُولَتُهُنَّ﴾ ... خاص بالرجعي ولا يشمل الخلعي ولا الطلاق الثّالث ، إلّا أنّ الآية لا تدل على لزوم العدّة لا أنّها تدل على العدم ، فلا ينافي وجوب العدّة عليها بالروايات ، فهكذا المقام فإنّ الآية لا تدل على حرمة قتل غير ما لا يؤكل لحمه ، لا أنّها تدل على الجواز ، فلا منافاة بين الآية والرّوايات.
الفرع الثّاني : قد عرفت جواز قتل الأهلي للمحرم حتّى في الحرم ، فهل العبرة بالحالة الأصليّة ، أو بالحالة العارضة ، فينقلب الحكم بانقلاب حالته؟
المعروف بقاء حكم الأصل فلا يتبدّل حكم الأهلي بالتوحش وهكذا العكس.
والصحيح ما ذهب إليه المشهور ، أمّا البرّي المتوحّش كالظبي إذا تأهّل لا يخرج عن حكمه فلا يجوز قتله ، لصدق عنوان الصّيد عليه فلا يجوز للمحرم قتله ، وهكذا لو انعكس وتوحّش الأهلي لا يتغيّر حكمه ، لعدم صدق عنوان الصّيد على الممتنع بالعرض ، ولا أقل من كونه مشتبهاً فيه ومقتضى الأصل هو الجواز ، لأن التحريم خاص بالصيد ولم يعلم صدقه على ذلك ، ولو فرضنا صدق الصّيد عليه إلّا أنّ النصوص المعتبرة دلّت على جواز ذبح الإبل والبقر (١) ، وإطلاقها يقتضي الجواز وإن توحّش الحيوان الأهلي ، لتقدّم إطلاق الخاص على إطلاق العام.
الفرع الثّالث : الصّيد الوحشي إذا تأهّل ثمّ تولّد فالمتولّد لم يكن صيداً قطعاً ، بل إنّما هو وليد الصّيد فهل يحكم عليه بالصيد أم لا؟.
لم أجد من تعرّض لذلك ، ولم يذكروا أنّ المتولّد من الوحشي المتأهّل بالعرض من أوّل تولده أهلي أم لا؟ والظاهر هو الجواز ، لعدم صدق عنوان الصّيد عليه ، وإنّما هو نتيجة الصّيد ووليده.
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٥٤٨ / أبواب تروك الإحرام ب ٨٢.