ويردّه : أنّه لا دليل عليه أيضاً ، وينافيه صحيح معاوية بن عمار «في رجل أحرم وعليه قميصه ، فقال : ينزعه ولا يشقّه ، وإن كان لبسه بعد ما أحرم شقّه وأخرجه ممّا يلي رجليه» (١) فإنّه يدل على صحّة إحرامه وعدم لزوم الإعادة ولو كان لبس الثوبين شرطاً في صحّة الإحرام ، لأمره بالإحرام ثانياً وإعادة التلبية.

والحاصل أنّه لا ريب أنّ المستفاد من الرّوايات وجوب لبس الثوبين وجوباً مستقلا تعبّدياً.

نعم ، قد يتوهّم أنّ صحيحة معاوية بن عمار تدل على بطلان التلبية بدون لبس الثوبين ، فقد روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : «إن لبست ثوباً في إحرامك لا يصلح لك لبسه ، فلبّ وأعد غسلك ، وإن لبست قميصاً فشقّه وأخرجه من تحت قدميك» (٢) فإنّ الأمر بالإعادة ظاهر في بطلان الإحرام الأوّل.

والجواب : أنّ الصحيحة غير ناظرة إلى شرطيّة اللبس في تحقق الإحرام ، وإنّما هي ناظرة إلى لبس ما لا يجوز لبسه عند الإحرام سواء كان لابساً لثوبي الإحرام أم لا بل المفروض فيها تحقق الإحرام منه لقوله : «إن لبست ثوباً في إحرامك» وأمره عليه‌السلام بشقّ القميص وإخراجه من تحت قدميه ، ولا ريب أنّ شقّ القميص وإخراجه من تحت قدميه يلزمان بعد الإحرام ، إذ لا موجب لذلك قبل تحقق الإحرام منه.

وحال هذه الصحيحة حال بقيّة الرّوايات الآمرة بشقّ القميص وإخراجه من الرّجلين ، وأنّ القميص يمتاز عن القباء ، فإنّ إخراج القباء ونحوها لا يحتاج إلى أن يكون ذلك من تحت قدميه ، لعدم ستر الرأس بإخراج القباء ، بخلاف القميص فإنّ إخراجه من رأسه يلزم ستر رأسه غالباً ، ولذا علّمه الإمام عليه‌السلام بأن يشقّه ويخرجه من تحت قدميه.

والحاصل : كلّ من لبس شيئاً لا يصح لبسه للمحرم يستحب له إعادة التلبية والغسل فليس في الرّواية ما يدل على بطلان التلبية إذا وقعت في القميص ونحوه.

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٤٨٨ / أبواب تروك الإحرام ب ٤٥ ح ٢.

(٢) الوسائل ١٢ : ٤٨٩ / أبواب تروك الإحرام ب ٤٥ ح ٥.

۵۵۴