وفي صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «صل المكتوبة ثمّ أحرم بالحج أو بالمتعة واخرج بغير تلبية حتّى تصعد إلى أوّل البيداء إلى أوّل ميل عن يسارك ، فإذا استوت بك الأرض راكباً كنت أو ماشياً فلبّ» (١).

وفي صحيحة هشام بن الحكم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : «إن أحرمت من غمرة ومن بريد البعث صلّيت وقلت كما يقول المحرم في دبر صلاتك ، وإن شئت لبّيت من موضعك ، والفضل أن تمشي قليلاً ثمّ تلبي» (٢).

وفي صحيح الفضلاء عن أبي عبد الله عليه‌السلام في حديث قال : «وإن أهللت من المسجد الحرام للحج ، فإن شئت لبّيت خلف المقام ، وأفضل ذلك أن تمضي حتّى تأتي الرّقطاء ، وتلبي قبل أن تصير إلى الأبطح» (٣).

إلّا أنّه يتوجّه هنا إشكال في خصوص تأخير التلبية إلى البيداء لمن حجّ عن طريق المدينة وهو أنّه بعد البناء على أنّ الإحرام يتحقق بالتلبية وهي الّتي توجب الدخول في حرمة لا تهتك ، أو أنّها متمّمة للإحرام ، فكيف يجوز تأخيرها عن مسجد الشجرة ، لرجوع ذلك في الحقيقة إلى جواز تأخير الإحرام عن مسجد الشجرة.

فيقع البحث في موردين :

أحدهما : فيما ذهب إليه صاحب الحدائق قدس‌سره من وجوب تأخير التلبية إلى البيداء ، استناداً إلى ظواهر النصوص الكثيرة الآمرة بالتأخير ، وقال قدس‌سره لا موجب لرفع اليد عن ظهور الرّوايات ، وذكر أنّ هذا الحكم مختص بمسجد الشجرة ، وأمّا في غيره فحكمه التخيير بين إتيان التلبية من نفس الميقات أو التأخير بها عن الميقات بمقدار يسير (٤).

ويردّه : أنّ العلماء قدس‌سرهم أجمعوا وتسالموا على جواز الإحرام والتلبية من

__________________

(١) الوسائل ١٢ : ٣٧٠ / أبواب الإحرام ب ٣٤ ح ٦.

(٢) الوسائل ١٢ : ٣٧٢ / أبواب الإحرام ب ٣٥ ح ١.

(٣) الوسائل ١٢ : ٣٩٦ / أبواب الإحرام ب ٤٦ ح ١.

(٤) الحدائق ١٥ : ٤٦.

۵۵۴