ولا يجاوز الجحفة إلّا محرماً» (١) فإنّما يدل على حكم من تجاوز الشجرة ويسأل الإمام عليه‌السلام في فرض عدم الإحرام من الشجرة ، ولا يدل على جواز تأخير الإحرام اختياراً وعمداً.

فالمتحصل من الرّوايات : أنّ التأخير اختياراً غير جائز وإنّما يجوز في فرض المرض والضعف.

وهل يعم جواز التأخير سائر الأعذار العرفيّة كشدّة البرد والحرّ أم يختص بالمرض والضعف كما في النصوص؟ فعن جماعة التعميم ومنهم السيِّد في العروة (٢). وعن آخرين اختصاص الجواز بالمريض والضعيف.

ويمكن أن يقال بالتفصيل بين العذر البالغ حدّ الضرر والحرج وبين غير ذلك فيجوز في الأوّل دون الثّاني ، لحكومة أدلّة الضرر والحرج على التكاليف الإلزاميّة الأوّليّة ، ولكن المرفوع في الفرض الأوّل وجوب الإحرام من مسجد الشجرة ، وأمّا جواز الإحرام من الجحفة فيحتاج إلى دليل آخر ، وذلك لأنّ دليل نفي الضرر والحرج بما أنّه امتناني شأنه رفع الحكم الثابت إذا كان ضرريّاً أو حرجيّا لا وضع الحكم بجواز الإحرام من الجحفة ، فلا بدّ من التماس دليل آخر يثبت لنا جواز ذلك ، فالمرجع حينئذ إطلاق ما دلّ على التخيير بين الإحرام من مسجد الشجرة والجحفة كصحيح علي بن جعفر المتقدّم (٣) ، وبما أنّه غير متمكّن من الإحرام من مسجد الشجرة على الفرض يثبت القول الآخر وهو الإحرام من الجحفة.

وبعبارة أوضح : قد عرفت أنّ صحيح علي بن جعفر الدال على التخيير وجواز الإحرام من الجحفة قد رفعنا اليد عن إطلاقه بالنسبة إلى المتمكّن وحملناه على المريض والضعيف ، وأمّا من لم يكن مكلّفاً بالإحرام من ذي الحليفة فيتعيّن عليه الفرد الآخر من الواجب التخييري ، لسقوط وجوب الإحرام من مسجد الشجرة عنه على الفرض.

__________________

(١) الوسائل ١١ : ٣١٦ / أبواب المواقيت ب ٦ ح ٣.

(٢) العروة الوثقى ٢ : ٣٤٣ / ٣٢١٣.

(٣) في ص ٢٢٠.

۵۵۴