واستدلّ صاحب الجواهر (١) بأخبار حجّة الوداع الّتي أمر النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها من لم يسق هدياً من أصحابه بذلك حتّى قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّه لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق هدياً» (٢).
وربما يشكل على هذا الاستدلال بأنّ الظاهر منها أنّ هذا العدول على سبيل الوجوب ، حيث إنّه نزل جبرئيل عليهالسلام بوجوب التمتّع على أهل الآفاق وكلامنا في من تجوز له المتعة والإفراد.
والجواب : أنّ أمره صلىاللهعليهوآلهوسلم جميع أصحابه بذلك مع القطع بأنّ منهم من أدّى حجّة الإسلام الّذي يجوز له الأنواع الثلاثة من الحجّ ، أوضح شيء في الدلالة على المطلوب ، ولا ينافيه شموله لمن وجب عليه الحجّ كأكثر الأصحاب الّذين كانوا معه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وعلى كلّ حال لا إشكال ولا خلاف في أصل جواز العدول ، فما عن أبي علي من اشتراط العدول بالجهل بوجوب العمرة (٣) لا شاهد له أصلاً.
نعم ، يشترط العدول بعدم وقوع التلبية بعد طوافه وسعيه لموثق إسحاق بن عمار قال «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل يفرد الحجّ فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ، ثمّ يبدو له أن يجعلها عمرة ، قال : إن كان لبى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له» (٤).
والرّواية معتبرة واضحة الدلالة وعمل بها بعضهم ، فلا موجب لرفع اليد عنها أو حملها على غير ظاهرها.
__________________
(١) الجواهر ١٨ : ٧١.
(٢) الوسائل ١١ : ٢١٣ / أبواب أقسام الحجّ ب ٢ ح ٤ ، ١٤ والظاهر أنّ ما في الكتاب منقول بالمعنى.
(٣) نقله عنه في الدروس ١ : ٣٣٣.
(٤) الوسائل ١١ : ٢٩٠ / أبواب أقسام الحجّ ب ١٩ ح ١.