ثانيهما : ما نسب إلى الشهيد وقوّاه صاحب الجواهر من الاكتفاء بإكمال سنة واحدة والدخول في الثّانية اعتماداً إلى جملة من الأخبار.
منها : صحيحة الحلبي قال «سألت أبا عبد الله عليهالسلام لأهل مكّة أن يتمتعوا؟ قال : لا ... قلت : فالقاطنين بها ، قال : إذا أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكّة» (١) وهي صحيحة السند وواضحة الدلالة.
ومنها : صحيحة عبد الله بن سنان «المجاور بمكّة سنة يعمل عمل أهل مكّة ، يعني يفرد الحجّ مع أهل مكّة ، وما كان دون السنة فله أن يتمتع» (٢) وهي أيضاً واضحة الدلالة والسند معتبر ، فإنّ إسماعيل بن مرار الواقع في السند وإن لم يوثق في كتب الرّجال ولكنّه من رجال تفسير علي بن إبراهيم القمي وهم ثقات ، وفي بعض نسخ التفسير إسماعيل بن ضرار وهو محرف جزماً كما هو الموجود في الطبعة القديمة وتفسير البرهان ، وهنا روايات آخر تدل على ذلك أيضاً ولكنّها ضعيفة السند والعمدة ما ذكرناه.
وقد أجاب السيِّد في العروة (٣) عن هذه الرّوايات بإعراض المشهور عنها ، فيتعيّن العمل بالصحيحتين المتقدّمتين صحيحة زرارة وعمر بن يزيد ، ولكن قد ذكرنا غير مرّة أنّ إعراض المشهور لا يوجب سقوط الرّواية المعتبرة سنداً عن الحجيّة. على أنّ الشهيد وصاحب الجواهر قد عملا بها.
وقد جمع صاحب الجواهر بين الطائفتين بحمل الصحيحتين على الدخول في السنة الثّانية فتلتئم مع الطائفة الثّانية الدالّة على اعتبار مضي سنة واحدة والدخول في الثّانية.
ويرد عليه : أنّ هذا المعنى وإن احتمل في خبر زرارة المتقدِّم وأمكن حمل قوله : «من أقام بمكّة سنتين» على الدخول في الثّانية بعد إكمال السنة الأُولى وإن كان ذلك
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٦٦ / أبواب أقسام الحجّ ب ٩ ح ٢.
(٢) الوسائل ١١ : ٢٦٩ / أبواب أقسام الحجّ ب ٩ ح ٨.
(٣) العروة الوثقى ٢ : ٣٢٥ / ٣٢٠٦.