قسم فرضه التمتّع وقسم فرضه الإفراد ، وما دلّ من الرّوايات على انقلاب الفرض من التمتّع إلى الإفراد كصحيحة زرارة «من أقام بمكّة سنتين فهو من أهل مكّة لا متعة له» (١) وكصحيحة عمر بن يزيد «المجاور بمكّة يتمتع بالعمرة إلى الحجّ إلى سنتين ، فإذا جاوز سنتين كان قاطناً وليس له أن يتمتع» (٢) ناظر إلى توسعة موضوع الجعل ، وأن من أقام في مكّة مقدار سنتين كان قاطناً وكان من أهل مكّة تنزيلاً وحكمه حكم أهل مكّة ، ولا نظر لهذه الرّوايات إلى من استطاع في بلده أو استطاع في مكّة قبل السنتين ، فمن كانت وظيفته التمتّع ولكن ترك الحجّ حتّى جاور مكّة فلا يكون مشمولاً لهذين الخبرين الصحيحين.
وبعبارة اخرى : الخبران منصرفان عمّن كان مستطيعاً سابقاً ، سواء كان مستطيعاً في بلده وترك الحجّ أو استطاع في مكّة قبل السنتين ، وإنّما الخبران في مقام بيان أنّ الحجّ الواجب على من سكن مكّة وتعيين بعض الأنواع عليه ، ولا نظر لهما إلى من وجب عليه الحجّ سابقاً وكانت وظيفته التمتّع في السابق ، فهو باق على حكمه السابق.
ولو أغمضنا عمّا ذكرنا واحتملنا شمول الخبرين لهذا الفرض أيضاً فيصبح الخبران مجملين ، فيدور الأمر بين تخصيص الأقل والأكثر ، فلا بدّ من الاقتصار على الأقل وهو خصوص حصول الاستطاعة بعد السنتين أخذاً بالمتيقن ، فتكون النتيجة أن من لم يكن مستطيعاً في بلده واستطاع في مكّة بعد مجاورته سنتين ينقلب فرضه إلى الإفراد فإنّ التنزيل ثابت بهذا المقدار ، وأمّا غيره وهو من استطاع في بلده وكان مكلّفاً بحج التمتّع ولم يأت به أو حصلت الاستطاعة في مكّة قبل السنتين فمحكوم بالحكم الأوّل ولم يثبت في حقّه التنزيل.
هذا كلّه مضافاً إلى دعوى قيام الإجماع على أنّ تكليف مثل هذا الشخص لا يتبدل من التمتّع إلى الإفراد.
الصورة الثّانية : أن يجاور البعيد في مكّة ويستطيع بعد إقامته فيها بعد الدخول في
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٦٥ / أبواب أقسام الحجّ ب ٩ ح ١.
(٢) الوسائل ١١ : ٢٦٦ / أبواب أقسام الحجّ ب ٩ ح ٢.