وأمّا ما يظهر من الرّواية من الحكم بعدم الإجزاء عن المنوب عنه فمحمول على كون المنوب عنه حيّاً ولم يكن الحجّ الصادر من النائب بتسبيب من المنوب عنه والحجّ عن الحي إنّما يجزئ عنه إذا كان الحجّ بأمر وتسبيب منه ، لظهور قوله في روايات النيابة عن الحي «فليجهّز رجلاً» أو «ليبعث» (١) في التسبيب ، ولا يكتفى بالتبرّع عنه.
الرّواية الثّانية : مكاتبة إبراهيم بن عقبة المعتبرة قال : «كتبت إليه أسأله عن رجل صرورة لم يحجّ قط ، حجّ عن صرورة لم يحجّ قط أيجزئ كلّ واحد منهما تلك الحجّة عن حجّة الإسلام أو لا؟ بيّن لي ذلك يا سيِّدي إن شاء الله ، فكتب عليهالسلام : لا يجزئ ذلك» (٢). والسند معتبر ، فإنّ إبراهيم وإن لم يوثق في كتب الرّجال ولكنّه من رجال كامل الزيارات.
والجواب عن ذلك : ما تقدّم من أنّ الرّواية ليست ناظرة إلى حكم الاستنابة جوازاً أو منعاً ، وإنّما هي ناظرة إلى الإجزاء وعدمه بعد فرض وقوع العمل خارجاً وقد حكم في الرّواية بعدم الإجزاء عن النائب والمنوب عنه.
أمّا عدم الإجزاء عن المنوب عنه ، فلأنه لم يكن الحجّ بتسبيبه ، وقد تقدّم أنّ ظاهر الرّوايات الدالّة على الإجزاء في الحجّ عن الحي إنّما هو في فرض صدور الحجّ بأمر من الحي لظهور قوله : «فليجهز» في التسبيب ، ولم يفرض في الرّواية كون الحجّ الصادر بتسبيب من المنوب عنه ، وقول السائل «حج عن صرورة لم يحجّ» ظاهر في أنّ المنوب عنه حي وإلّا لقال حج عن ميّت. ولو فرض إطلاقها وشمولها للحي والميّت فتحمل على صورة الحي ، فتكون النتيجة الإجزاء عن الميّت بالتبرّع كما في الحجّ المندوب ، وعدم الإجزاء في الحجّ الواجب عن الحي.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٦٣ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٤.
(٢) الوسائل ١١ : ١٧٣ / أبواب نيابة الحجّ ب ٦ ح ٣.