ولا بأس باستنابته فيما إذا كان جاهلاً بالوجوب أو غافلاً عنه (١). وهذا الشرط شرط في صحّة الإجارة لا في صحّة حجّ النائب ، فلو حجّ والحال هذه برئت ذمّة المنوب عنه (٢) ولكنّه لا يستحق الأُجرة المسماة بل يستحق اجرة المثل (٣).
التزاحم للتضاد بين الحجّتين ، وحيث إنّ المكلّف لا يتمكّن من الجمع بينهما في سنة واحدة فلا يؤمر بهما معاً في عرض واحد ، ولكن يمكن أن يؤمر بهما على نحو الترتب فيؤمر أوّلاً بالحج عن نفسه ، وعلى تقدير العصيان والترك يؤمر ثانياً بالحج عن الغير ، فيحكم بصحّة الحجّ الصادر منه على وجه النيابة بالأمر الترتبي ، وتبرأ ذمّة المنوب عنه.
ثانيهما : في بيان حكم الإجارة ، والظاهر بطلانها ، لأنّ متعلق الإجارة إن كان الحجّ مطلقاً فالحكم بصحّتها يؤدّي إلى الأمر بالضدّين ، لأنّ وجوب الحجّ عن نفسه مطلق ومتحقق بالفعل ، فإذا كان الأمر الإجاري مطلقاً أيضاً فيستلزم ذلك الأمر بالضدّين.
وإن كان متعلق الإجارة مقيّداً ومعلقاً على تقدير ترك الحجّ فيبطل عقد الإجارة أيضاً للتعليق المجمع على بطلانه ، وأمّا إمضاؤه معلّقاً على ترك الحجّ عن نفسه فهو وإن كان ممكناً في نفسه إلّا أنّه لم ينشأ ، فما أنشأه غير قابل للإمضاء ، وما هو قابل له لم ينشأ ، فلا يستحق الأجير الأُجرة المسمّاة ، وإنّما يستحق اجرة المثل ، لأنّ المقام من صغريات كلّ شيء يضمن بصحيحه يضمن بفاسده.
(١) لأنّ الأمر الواقعي لا يكون منجزاً في فرض الجهل والغفلة ، والأمر بالضدّين عرضا إنّما يستحيل فيما إذا كان الأمران منجزين ، وأمّا إذا كان أحدهما غير منجز فلا مانع من الأمر بالضدّ الآخر.
(٢) لصحّة الحجّ الصادر من النائب بالأمر الترتبي كما عرفت.
(٣) لبطلان الإجارة فيدخل المقام في كبرى كلّ ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، فالقاعدة تقتضي ضمان اجرة المثل.