قد أنحلها فدكا وقالوا : انه ما دام يعلم بعصمتها وانها لا تدعي الا حقا فلا وجه لمطالبتها بالبينة لان البينة لا وجه لها مع العلم بالصدق (١).

وقد استدل على اعتبار علم القاضي بوجوه نذكر منها :

أ ـ ان البينة جعلت حجة لكاشفيتها ، ومن المعلوم ان العلم اقوى منها كاشفية فيلزم ان يكون حجة بالاولوية.

ب ـ التمسك بما دلّ على وجوب الحكم بالعدل والحق ، كقوله تعالى : ﴿يا داوُدُ إِنّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بِالْحَقِّ (٢) ، ﴿وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ (٣) ، بتقريب ان الحاكم لو علم ان هذا زان مثلا فاذا حكم بزناه وثبوت الحدّ عليه كان ذلك حكما بالحق والعدل فيكون جائزا بل واجبا.

ج ـ انه في باب السرقة والزنا علق الحكم بالحدّ على عنوان فرض العلم بتحققه حيث قال تعالى : ﴿السّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما (٤) ، ﴿الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ ... (٥) ، فان الخطاب موجّه للحكام والمراد : ايها الحكام متى ما فرض انكم علمتم بتحقق عنوان الزنا والسرقة فعليكم اجراء الحد ، اذ السارق والزاني هو من تلبس بالوصف دون من قامت عليه البينة او اقر بذلك.

واذا ثبتت حجية علم الحاكم في حدود الله سبحانه ثبت ذلك في‌

__________________

(١) جواهر الكلام ٤٠ : ٨٨.

(٢) ص : ٢٦.

(٣) النساء : ٥٨.

(٤) المائدة : ٣٨.

(٥) النور : ٢.

۳۵۹۱