﴿ الرابع: في الجناية على الحيوان ﴾ الصامت
﴿ من أتلف ما تقع عليه الذكاة ﴾ سواء كان مأكولاً كالإبل والبقر والغنم أم لا كالأسد والنمر والفهد ﴿ بها ﴾ أي بالتذكية بغير إذن مالكه ﴿ فعليه أرشه ﴾ وهو تفاوت ما بين قيمته حيّاً ومذكّى مع تحقّق النقصان، لا قيمته؛ لأنّ تذكيته لا تُعدّ إتلافاً محضاً؛ لبقاء الماليّة غالباً. ولو فرض عدم القيمة أصلاً كذبحه في بريّة لا يرغب أحد في شرائه لزمه القيمة؛ لأنّها حينئذٍ مقدار النقص ﴿ وليس للمالك مطالبته بالقيمة ﴾ كَمَلاً ﴿ ودفعه إليه على الأقرب ﴾ لأصالة براءة ذمّة الجاني ممّا زاد على الأرش، ولأنّه باقٍ على ملك مالكه فلا ينتقل عنه إلّا بالتراضي من الجانبين.
وخالف في ذلك الشيخان (١) وجماعة (٢) فخيّروا المالك بين إلزامه بالقيمة يوم الإتلاف وتسليمه إليه، وبين مطالبته بالأرش نظراً إلى كونه مفوّتاً لمعظم منافعه فصار كالتالف. وضعفه ظاهر.
﴿ ولو أتلفه لا بها فعليه قيمته يوم تلفه إن لم يكن غاصباً ﴾ لأنّه يوم تفويت ماليّته الموجب للضمان ﴿ ويوضع منها ما لَه قيمة من الميتة كالشعر ﴾ والصوف والوبر والريش. وفي الحقيقة ما وجب هنا عين (٣) الأرش، لكن لمّا كان
__________________
(١) المقنعة: ٧٦٩، والنهاية: ٧٨٠.
(٢) منهم القاضي في المهذّب ٢: ٥١٢، وسلّار في المراسم: ٢٤٥، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع: ٦٠٤.
(٣) كذا في ( ع ) التي قوبلت بالأصل ونسخة بدل ( ش ). وفي ( ر ): « غير الأرش » وفي هامشها ما يلي: وفي بعض النسخ: « عين الأرش » فما موصولة لا نافية كما على كون النسخة « غير الأرش » والظاهر هو العين، فتبصّر.