واعلم أنّ النصوص (١) وفتوى الأصحاب (٢) ومنهم المصنّف في غير هذه العبارة (٣) مصرّحة بأنّ تحريم العصير معلَّق على غليانه من غير اشتراط اشتداده. نعم، من حكم بنجاسته جعل النجاسة مشروطة بالأمرين.
والمصنّف هنا جعل التحريم مشروطاً بهما، ولعلّه بناه (٤) على ما ادّعاه في الذكرى من تلازم الوصفين (٥) وأنّ الاشتداد مسبَّب عن مسمّى الغليان، فيكون قيد الاشتداد هنا مؤكِّداً.
وفيه نظر. والحقّ أنّ تلازمهما مشروط بكون الغليان بالنار كما ذكرناه. أمّا لو غلى وانقلب بنفسه فاشتداده بذلك غير واضح.
وكيف كان، فلا وجه لاشتراط الاشتداد في التحريم، لما ذكرناه من إطلاق النصوص بتعليقه على الغليان. والاشتداد وإن سُلّم ملازمته لا دخل له في سببيّة التحريم.
ويمكن أن تكون النكتة في ذكر المصنّف له اتّفاق القائل بنجاسته على اشتراطه فيها، مع أنّه لا دليل ظاهراً على ذلك مطلقاً كما اعترف به المصنّف في غير هذا الكتاب (٦) إلّا أن يجعلوا الحكم بتحريمه دليلاً على نجاسته.
كما ينجس (٧) العصير لمّا صار خمراً وحرم. وحينئذٍ فتكون نجاسته مع الاشتداد
__________________
(١) الوسائل ١٧: ٢٢٩، الباب ٣ من أبواب الأشربة المحرّمة.
(٢) منهم الشيخ في النهاية: ٥٩١، وابن البرّاج في المهذّب ٢: ٤٣٣، والعلّامة في القواعد ٣: ٣٣١ و ٥٥٠.
(٣) راجع في كتاب الأطعمة والأشربة، الصفحة ١٢٩.
(٤) في ( ر ): بناءً.
(٥) الذكرى ١: ١١٥.
(٦) البيان: ٩١.
(١) في ( ع ) و ( ف ): نجس.