والمرجع في « الصديق » إلى العرف؛ لعدم تحديده شرعاً، وفي صحيحة الحلبي قال: « سألت أبا عبد الله عليهالسلام قلت: ما يعني بقوله: أو صديقكم ؟ قال: هو والله الرجل يدخل بيت صديقه فيأكل بغير إذنه » (١) وعنه عليهالسلام: « من عِظَم حرمة الصديق أن جُعل له من الاُنس والتفقّد والانبساط وطرح الحِشمة بمنزلة النفس والأب والأخ والابن » (٢).
والمتبادر من المذكورين كونهم كذلك بالنسب. وفي إلحاق من كان منهم كذلك بالرضاع وجه: من حيث إنّ « الرضاع لُحمة كلُحمة النسب » (٣) ولمساواته له في كثير من الأحكام. ووجه العدم: كون المتبادر النَسَبي منهم. ولم أقف فيه على شيء نفياً وإثباتاً، والاحتياط التمسّك بأصالة الحرمة في موضع الشكّ.
وألحق بعض الأصحاب الشريك في الشجر والزرع والمباطخ (٤) فإنّ له الأكل من المشترك بدون إذن شريكه مع عدم علم الكراهة، محتجّاً بقوله تعالى: ( إلّا أن تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ )(٥).
وفيه نظر؛ لمنع تحقّق التراضي مطلقاً، وجعلها صفة للتجارة يقتضي جواز الأكل من كلّ تجارة وقع فيها التراضي بينهما، وهو معلوم البطلان.
__________________
(١) الوسائل ١٦: ٤٣٤، الباب ٢٤ من أبواب المائدة، الحديث الأوّل.
(٢) نقله الزمخشري في الكشّاف ٣: ٢٥٧، ونقله عنه الأردبيلي في زبدة البيان: ٣٧٠، وفيهما بدل التفقّد: الثقة.
(٣) لم ينسب العبارة إلى المعصوم ولم نعثر عليها في الجوامع الحديثيّة من الخاصّة والعامّة. والظاهر أنّها مصطادة من الأحاديث، ويؤيّده ما قال ابن حمزة في الوسيلة: ٣٢، وفيه: والرضاع لحمة كلحمة النسب لقوله عليهالسلام « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ».
(٤) هو ابن فهد في المهذّب [ البارع ٤: ٢٣٧ ]. ( منه رحمهالله ).
(٥) النساء: ٢٩.