لم يأتمنه على ماله، فعلى الطفل وماله أولى بالمنع، ولأنّ الالتقاط ائتمان شرعيّ والشرع لم يأتمنه (١).
وفيه نظر؛ لأنّ الشارع إنّما لم يأتمنه على المال، لا على غيره، بل جوّز تصرّفه في غيره مطلقاً وعلى تقدير أن يوجد معه مال يمكن الجمع بين القاعدتين الشرعيّتين، وهما: عدم استئمان المبذّر على المال، وتأهيله لغيره من التصرّفات التي من جملتها الالتقاط والحضانة، فيؤخذ المال منه خاصّة.
نعم، لو قيل: إنّ صحّة التقاطه يستلزم وجوب إنفاقه، وهو ممتنع من المبذّر؛ لاستلزامه التصرّف المالي، وجعل التصرّف فيه لآخر يستدعي الضرر على الطفل بتوزيع اُموره، أمكن إن تحقّق الضرر بذلك، وإلّا فالقول بالجواز أجود.
﴿ وحرّيّته ﴾ فلا عبرة بالتقاط العبد ﴿ إلّا بإذن السيّد ﴾ لأنّ منافعه له، وحقّه مضيّق، فلا يتفرّغ للحضانة. أمّا لو أذن له فيه ابتداءً أو أقرّه عليه بعد وضع يده جاز، وكان السيّد في الحقيقة هو الملتقط والعبد نائبه، ثمّ لا يجوز للسيّد الرجوع فيه.
ولا فرق بين القِنّ والمكاتب والمدبّر ومن تحرّر بعضه واُمّ الولد، لعدم جواز تبرّع واحد منهم بماله ولا منافعه إلّا بإذن السيّد. ولا يدفع ذلك مهاياة المبعَّض وإن وفى زمانُه المختصّ بالحضانة؛ لعدم لزومها، فجاز تطرّق المانع كلَّ وقت.
نعم، لو لم يوجد للقيط كافل غير العبد وخيف عليه التلف بالإبقاء فقد قال المصنّف في الدروس: إنّه يجب حينئذٍ على العبد التقاطه بدون إذن المولى (٢) وهذا في الحقيقة لا يوجب إلحاق حكم اللقطة، وإنّما دلّت الضرورة على الوجوب من
__________________
(١) الدروس ٣: ٧٦.
(٢) الدروس ٣: ٧٥.