إلاَّ أَنَّهُ قَالَ: التّقْدِيمُ يُفِيدُ الاخْتِصَاصَ إنْ جازَ تَقْدِيرُ كَوْنهِ فِي الْأَصْلِ مُؤَخَّراً عَلَى أَنَّهُ فَاعِلٌ مَعْنىً فَقطْ، نَحْوُ ـ أَنَا قُمْتُ ـ وَقُدِّرَ، وَإلاَّ فَلاَ يُفِيدُ إلاَّ تَقَوِّيَ الحُكْمِ، سَوَاءٌ جَازَ كَمَا مَرَّ وَلَمْ يُقَدَّرْ، أَوْ لَمْ يَجُزْ، نَحْوُ ـ زَيْدٌ قَامَ ـ وَاسْتَثْنى الْمُنكَّرِ ـ بِجَعْلِهِ مِنْ بابِ ـ وَأَسرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ـ أَي عَلَى الْقَوْلِ بالابْدَالِ منَ الضمِيرِ،


نكرةً فهو للتخصيص إن لم يمنع منه مانع، وإن كان معرفةً فإنْ كان مظهرا فليس إلا للتَّقَوِّى، وإن كان مضمرا فقد يكون للتَّقَوِّى، وقد يكون للتخصيص، من غير تفرقة بين مايَلِى حَرْفَ النفي وغيره، وإلى هذا أشار بقوله [إلا أنه] أي السكاكي [قال: التقديم يفيد الاختصاص إن جاز تقدير كونه] أي المسند إليه [في الأصل مؤخرا على أنه فاعل معني فقط] لا لفظا [نحو ـ أنا قمت] فإنه يجوز أن يقدر أن أصله ـ قمت أنا ـ فيكون ـ أنا ـ فاعلا معنى تأكيدا لفظا [وقدر] عَطْفٌ على جاز، يعنى أن إفادة التخصيص مشروط بشرطين: أحدهما جواز التقدير، والآخر أن يعتبر ذلك، أي يقدّر انّه كان في الاصل مؤخراً [والاّ] أي وان لم يوجد الشرطان [فلا يفيد] التقديم [إلا تقوى الحكم] سواء [جاز] تقدير التأخير [كما مر] في نحو ـ أنا قمت [ولم يقدر أو لم يجز] تقدير التأخير أصلا [نحو ـ زيد قام] فإنه لا يجوز أن يقدر أن أصله ـ قام زيد ـ فَقُدِّمَ لما سنذكره، ولما كان مقتضى هذا الكلام ألا يكون نحو ـ رجل جاءنى ـ مفيدا للتخصيص لأنه إذا أُخَّرَ فهو فاعل لفظا لا معنى(١) استثناه السكاكى، وأخرجه من هذا الحكم، بأن جعله في الأصل مؤخَّرا على أنه فاعل معنى لا لفظا، بأن يكون بدلا من الضمير الذي هو فاعل لفظا، وهذا معنى قوله [واستثنى] السكاكى [المنكر بجعله من باب ـ وأسروا النجوى الذين ظلموا ـ أي على القول بالابدال من الضمير] يعنى قَدَّرَ أنَّ أصل ـ رجل جاءني ـ جاءني رجل ـ على أنَّ ـ رجل ـ ليس بفاعل، بل هو بدل من الضمير في جاءني، كما ذكر في قوله تعالى ـ وأسروا النجوى الذين ظلموا ـ أن الواو

__________________

(١) المراد فهو فاعل لفظا ومعنى لا معنى فقط.

۵۲۰۱