وَالاْيجازُ ضَرْبَانِ: إيجَازُ الْقِصَرِ، وَهُوَ ما لَيْسَ بِحَذْف، نَحْوُ ـ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَياةٌ ـ فَإنَّ مَعْناهُ كَثِيرٌ وَلَفْظُهُ يَسِيرٌ وَلاَ حَذْفَ فِيهِ، وَفَضْلُهُ


لا مساواةً، وفيه نظر، لأن اعتبار هذا الحذف رِعَاَيةٌ لأمر لفظي(١) لا يفتقر إليه في تأدية أصل المراد، حتي لو صُرِّحَ به لكان إطنابا بل تطويلا(٢) وبالجملة لا نسلم أن لفظ الآية والبيت ناقص عن أصل المراد.

[والإيجاز]

[ضربان: إيجاز القصر وهو ما ليس بحذف، نحو ـ قوله تعالى ـ ولكم في القصاص حياة ـ فإن معناه كثير ولفظه يسير] وذلك لأن معناه أن الإنسان إذا علم أنه متى قَتَلَ قُتِلَ كان ذلك داعيا له إلى ألاَّ يقدم على القتل، فارتفع بالقتل الذي هو القصاص كثير من قَتْلِ الناس بعضهم لبعض، وكان بارتفاع القتل حياة لهم [ولا حذف فيه] أي ليس فيه حذف شيء مما يُؤَدَّى به أصل المراد، واعتبار الفعل الّذى يتعلق به الظرف رِعَايةٌ لأمر لفظى، حتى لو ذكر لكان تطويلا [وفضله] أي رجحان قوله ـ ولكم في القصاص حياة

__________________

(١) المراد بالأمر اللفظى ما لا يتوقف إفادة المعنى عليه في الاستعمال، وإنما يدعو إليه مراعاة قواعد النحو.

(٢) يريد بالتطويل هنا معناه اللغوى، أي الزائد لا لفائدة، وإلا فهذا حشو لا تطويل بالمعنى السابق.

هذا والمساواة لا تحمد ولا تذم، لأنها لا تحتاج إلى اعتبار نكتة، بل يكفي فيها عدم المقتضى للعدول عنها، فإذا اقتضى المقام تأدية أصل المعنى كانت محمودة، ومن هذا ما وقع منها في القرآن والحديث وغيرهما من كلام الفصحاء.

تطبيقات على المساواة:

١ـ قوله تعالي ـ ﴿كُلُّ امْرِىء بما كَسَبَ رَهِينٌ.

٢ـ لا تَرْقُدَنْ عن ساهر في ليلة

مُذْغابَ وجهك لم يَفُزْ بصباحِ

٣ـ يقول أناسٌ لا يَضِيرُكَ فَقْدُهَا

بَلَى كُلُّ ما شَفَّ النفوسَ يَضِيرُ

۵۲۰۱