وَالاِسْتِبْعادِ، نَحْوُ أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ، ثُمَّ توَلَّوْا عَنْهُ.

وَمِنْهَا الْأَمْرُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ صِيغَتَهُ مِنَ المُقْترِنَةِ بِاللاَّمِ نَحْوُ ـ لِيَحْضُرْ زَيْدٌ ـ وَغَيْرِها نَحْوُ ـ أَكْرِمْ عَمْراً، وَرُوَيْدَ بَكْراً ـ مَوْضُوعَةٌ لِطَلَبِ الْفِعْلِ اسْتِعْلاءً، لتبادُرِ الفهم عِنْدَ سَماعِهَا إلَى ذلِكَ المَعْنَى، وَقَدْ تُسْتعْمَلُ لِغَيْرِهِ كالإباحَةِ، نَحْوُ ـ جَالِس الْحَسَنَ أَوِ ابْنَ سِيرِينَ ـ


لتعريف حاله وتهويل عذابه [والاستبعاد، نحو ـ أني لهم الذكرى] فإنه لا يجوز حمله على حقيقة الاستفهام، وهو ظاهر، بل المراد استبعاد أن يكون لهم الذكرى، بقرينة قوله تعالى [وقد جاءهم رسول مبين، ثم تولوا عنه] أي كيف يذكرون ويتعظون وَيُوفُونَ بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب عنهم وقد جاءهم ما هو أعظم وأدخل في وجوب الاذكار من كشف الدخان، وهو ما ظهر على يد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الآيات والبينات من الكتاب المعجز وغيره، فلم يذكروا وأعرضوا عنه.

[ومنها] أي من أنواع الطلب [الأمر] وهو طلب فعل غير كَفٍّ على جهة الاستعلاء، وصيغته تستعمل في مَعَان كثيرة، فاختلفوا في حقيقتة الموضوعة هي(١) لها اختلافا كثيرا، ولما لم تكن الدلائل مفيدة للقطع بشيء قال المصنف [والأظهر أن صيغته من المقترنة باللام نحو ـ ليحضر زيد ـ وغيرها نحو ـ أكرم عمرا ورويد بكرا] فالمراد بصيغته ما دل على طلب فعل غير كَفٍّ استعلاءً سواء كان اسما أو فعلا [موضوعة لطلب الفعل استعلاء] أي على طريق طلب العلو وعَدَّ الآمر نفسه عاليا سواء كان عاليا في نفسه أم لا [لتبادر الفهم عند سماعها] أي سماع الصيغة [إلى ذلك] المعنى، أعنى الطلب استعلاءً، والتَّبَادُرُ إلى الفهم من أقوي أمارات الحقيقة [وقد تستعمل] صيغة الأمر [لغيره] أي لغير طلب الفعل استعلاء [كالاباحة نحو ـ جالس الحسن أو ابن سيرين] فيجوز له أن يجالس أحدهما أو كليهما وألاَّ يجالس أحدا منهما أصلا

__________________

(١) الضمير للصيغة وفي قوله ـ لها ـ للحقيقة.

۵۲۰۱