وَأَمَّا تَأْخِيرُهُ فلَأَنّ ذِكْرَ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ أَهَم كما مَرَّ.

وَأَمَّا تَقْدِيمُهُ فَلِتَخْصِيصِهِ بالمُسْنَدِ إلَيْهِ، نحو لا فِيهَا غَوْلٌ ـ أيْ بِخِلاف خُمُورِ الدُّنْيَا، وَلِهَذَا لَمْ يُقَدَّمِ الظَّرْفُ في ـ لا رَيْبَ فِيهِ ـ لِئَلاّ يُفيدَ ثُبوتَ الرَّيْبِ في سائِرِ كُتُبِ اللهِ تَعَالَى،


[وأما تأخيره] أي تأخير المسند [فلأن ذكر المسند إليه أهم كما مر] في تقديم المسند إليه.

[وأما تقديمه] أي تقديم [المسند فلتخصيصه بالمسند إليه] أي لقصر المسند إليه على المسند على ما حققناه في ضمير الفصل، لأن معنى قولنا ـ تَمِيمِيٌّ أنَا ـ هو أنه مقصور على الَّتمِيمِيَّةِ لا يتجاوزها إلي الْقَيْسِيَّةِ [نحو ـ لا فيها غول ـ أي بخلاف خمور الدنيا] فإن فيها غولا، فإن قُلْتَ: المسند هو الظرف، أعنى ـ فيها ـ والمسند إليه ليس بمقصور عليه، بل على جزء منه، أعنى الضمير المجرور الراجع إلى خمور الجنة ـ قُلْتُ: المقصود أن عدم الغول مقصور على الاتصاف فيِ خُمُورِ الجنة لا يتجاوزه إلى الاتصاف فِيِ خُمُورِ الدنيا، وإن اعتبرت النفي في جانب المسند فالمعنى أن الغول مقصور على عدم الحصول في خمور الجنة لا يتجاوزه إلى عدم الحصول في خمور الدنيا، فالمسند إليه مقصور على المسند قصرا غير حَقِيقِيٍّ، وكذا القياس في قوله تعالى ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ونظيره ما ذكر صاحب المفتاح في قوله تعالى ﴿إنْ حِسَابُهُمْ إلاَّ عَلَى رَبِّي من أن المعنى ـ حسابهم مقصور على الاتصاف بِعَلَى رَبِّى لا يتجاوزه إلى الاتصاف بِعَلَيَّ، فجميع ذلك من قصر الموصوف على الصفة دون العكس، كما توهمه بعضهم [ولهذا] أي ولأن التقديم يفيد التخصيص [لم يقدم الظرف] الذي هو المسند على المسند إليه [في ـ لا ريب فيه] ولم يقل ـ لاَ فِيهِ رَيْبٌ [لئلا يفيد] تقديمه عليه [ثبوت الريب في سائر كتب الله تعالى] بِنَاءً على اختصاص عدم الريب بالقرآن، وإنما قال في سائر كتب الله تعالى لأنه المعتبر في مقابلة القرآن، كما أن المعتبر في

۵۲۰۱