وَأَمَّا كَوْنُهُ فِعْلاً فللتقييد بِأَحَدِ الأَزْمِنَةِ الثَّلاَثَةِ عَلَى أخْصَرِ وَجْه مَعَ إِفَادَةِ التَّجَدُّدِ، كَقَوْلِهِ:


إليه، ودخل فيه نحو ـ زيد أبوه قائم، وزيد قام أبوه، وزيد مررت به، وزيد ضرب عمرا في داره وزيد ضربته ـ ونحو ذلك من الجمل التي وقعت خبر مبتدإ ولا تفيد التَّقَوِّيَ، وَالْعُمْدَةُ في ذلك تَتَبُّعُ كلام السكاكى، لأنا لم نجد هذا الاصطلاح لمن قبله.

[وأما كونه] أي المسند [فعلا فللتقييد] أي تقييد المسند [بأحد الأزمنة الثلاثة] أعنى الماضى وهو الزمان الذي قبل زمانك الذي أنت فيه، والمستقبل وهو الزمان الذي يترقب وجوده بعد هذا الزمان، والحال وهو أجزاء من أواخر الماضى وأوائل المستقبل متعاقبة من غير مُهْلَة وَتَراخ، وهذا أمر عرفى(١)، وذلك لأن الفعل دال بصيغته على أحد الأزمنة الثلاثة من غير احتياج إلى قرينة تدل على ذلك، بخلاف الاسم فإنه إنما يدل عليه بقرينة خارجية، كقولنا ـ زيد قائم الآن أو أمس، أو غدا ـ ولهذا قال [على أخصر وجه] ولما كان التجدد لازما للزمان لِكَوْنِهِ كَمّاً غير قَارِّ الذات، أي لا يجتمع أجزاؤه في الوجود، وَالزَّمانُ جُزْءٌ من مفهوم الفعل، كان الفعل مع إفادته التقييد بأحد الأزمنة الثلاثة مفيداً للتجدد، وإليه أشار بقوله [مع إفادة التجدد، كقوله]

__________________

٢ـ أَنا لا أختارُ تقبيل يَد

قَطْعُهَا أَفضل من تلك الْقُبَلْ

أتى بالمسند في الأول مفردا ـ صنيعة ـ لظهور الحكم في نفسه بحيث لا يحتاج إلى تقوية، وأتى به في الثاني غير مفرد ـ لا أختار ـ لقصد التقوية في مقام افتخاره بنفسه.

أمثلة أخري:

١ـ بِيَدِ العفافِ أصون عز حِجَابِي

وبعصمتى أسْمُو على أَتْرَابِى

٢ـ نحن في الْمَشْتَاةِ ندعو الْجَفَلَى

لا ترى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ

(١) وأما الحال الحقيقي فهو الآن الذي لا يتجزأ.

۵۲۰۱