الْكِنَايَةُ

لَفْظٌ أُرِيدَ بِهِ لاَزِمُ مَعْنَاهُ مَعَ جَوَازِ إرَادَتِهِ مَعَهُ، فَظَهَرَ أَنَّهَا تُخَالِفُ الْمَجَازَ مِنْ جَهَةِ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِلَّفْظِ مَعَ إرَادَةِ لاَزِمِهِ،


نحو قوله تعالى ﴿ليس كمثله شيء أخْذٌ بالظاهر، ويحتمل ألاَّ تكون زائدة بل تكون نفيا للمثل بطريق الكناية التي هي أبلغ، لأن الله تعالى موجود، فإذا نفي مثله لزم نفي مثل مثله ضَرُورَةَ أنه لو كان له مثل لكان هو أعنى الله تعالى مِثْلَ مثله، فلم يصح نفي مثل مثله، كما تقول ـ ليس لأخِي زَيْد أخٌ ـ أي ليس لزيد أخ نفيا للملزوم ينفى لازمه(١) والله أعلم.

الكناية

في اللغة مصدر كَنَيْتُ بكذا عن كذا أو كَنَوْتُ إذا تركت التصريح به، وفي الاصطلاح [لفظ أريد به لازم(٢) معناه مع جواز إرادته معه] أي إرادة ذلك المعنى مع لازمه، كلفظ ـ طويل النَّجَادِ ـ المراد به طول القامة مع جواز أن يراد حقيقة طول النجاد أيضا [فظهر أنها تخالف المجاز من جهة إرادة المعنى الحقيقى مع إرادة لازمه] كارادة طول النجاد مع إرادة طول القامة، بخلاف المجاز فإنه لا يجوز فيه إرادة المعنى الحقيقى للزوم القرينة المانعة عن إرادة المعني الحقيقى، وقوله ـ من جهة إرادة المعني ـ معناه من جهة جواز إرادة المعني، ليوافق ما ذكره في تعريف الكناية، ولأن الكناية كثيرا ما تخلوا عن إرادة المعنى الحقيقي، للقطع بصحة قولنا ـ فلان طويل النجاد وجبان الكلب ومهزول الْفَصِيلِ ـ وإن لم يكن له نجاد ولا كلب ولا فصيل، ومثل هذا في الكلام أكثر من أن يحصى، وههنا بحث لابد من التَّنَبُّهِ له، وهو أن المراد بجواز إرادة

__________________

(١) الملزوم هو أخو زيد، ولازمه هو أخو أخيه.

(٢) وقيل إن الكناية مستعملة في المعنى الحقيقى لينتقل منه إلى لازمه، والخلاف في ذلك يشبه أن يكون لفظيا.

۵۲۰۱