وَقِيلَ لاَ يَخْتَصُّ بِالشَّعْرِ، وَمُثِّلَ بِقَوْلِهِ تَعَالى ـ اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتدُونَ.

وَإمَّا بِالتَّذْيِيلِ وَهُوَ تَعْقِيبُ الْجُمْلَةِ بِجُمْلَة أُخْرَى تَشْتَمِلُ عَلَى مَعْناها لِلتَّأْكِيدِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ لَمْ يُخْرَجْ مَخْرَجَ المَثَلِ، نَحْوُ ـ ذَلِكَ جَزَيْناهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ يُجازَى إلاَّ الْكَفُورُ ـ عَلَى وَجْه، وَضَرْبٌ أُخْرِجَ مخْرَجَ الْمَثَلِ،


عندنا، كذا في شرح ديوان امريء القيس، فعلى هذا التفسير يختص الإيغال بالشعر [وقيل لا يختص بالشعر] بل هو ختم الكلام بما يفيد نكتة يتم المعنى بدونها [ومثل] لذلك في غير الشعر [بقوله تعالى] ـ قالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ [اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون] بقوله ـ وهم مهتدون ـ مما يتم المعنى بدونه، لأن الرسول مُهْتَد لا محالة، إلا أن فيه زيادة حَثٍّ على الاتِّبَاعِ وترغيب في الرسل.

[وإما بالتذييل وهو تعقيب الجملة بجملة أخرى تشتمل على معناها] أي معنى الجملة الأولى [للتأكيد] فهو أعم من الإيغال من جهة أنه يكون في ختم الكلام وغيره، وأخص من جهة أن الإيغال قد يكون بغير الجملة ولغير التأكيد [وهو] أي التذييل [ضربان: ضرب لم يخرج مخرج المثل] بأن لم يستقل بافادة المراد، بل يتوقف على ما قبله [نحو ـ ذلك جزيناهم بما كفروا وهل يجازي إلا الكفور ـ على وجه] وهو أن يراد ـ وهل يجازى ذلك الجزاء المخصوص إلا الكفور ـ فيتعلق بما قبله، وأما على الوجه الآخر وهو أن يراد ـ وهل يعاقب إلا الكفور ـ بناء على أن المجازاة هي المكافأة(١) إنْ خَيْراً فَخَيْرٌ وإنْ شَرّاً فَشَرٌّ فهو من الضرب الثاني [وضرب أخرج مخرج المثل] بأن يقصد بالجملة الثانية حكم كُلِّيٌّ منفصل عما قبله جَار مجرى الأمثال في الاستقلال وفُشُوِّ

__________________

(١) هذا بيان لأصل معني المجازاة، وإلا فالمراد منها في الآية خصوص المكافأة بالعقوبة، وإن كان أصل معناها عاما على هذا الوجه، أما على الوجه الأول فالجزاء فيه بمعنى العقوبة، لأنه يطلق عليها أيضا، والفرق بينهما أن المراد في الأول عقاب خاص، والمراد في الثاني مطلق عقاب.

۵۲۰۱