وَمِنْهُ التَّقْسِيمُ، وَهُوَ ذِكْرُ مَتَعَدِّد ثُمَّ إضافَةُ مَا لِكُلِّ إلَيْهِ عَلَى التَّعْيِينِ، كَقَوْلِهِ:

وَلاَ يُقِيمُ عَلَى ضَيْمِ يُرَادُ بِهِ

إلاَّ الْأَذَلاَّنِ عَيْرُ الحيِّ وَالْوَتِدُ

هذَا عَلَى الخَسْفِ مَرْبُوطٌ بِرُمَّتِهِ

وَذَا يُشَجُّ فَلاَ يَرْثِى لَهُ أحَدٌ


[ومنه] أي ومن المعنوى.

[التقسيم

وهو ذكر متعدد ثم إضافة ما لكل إليه على التعيين] وبهذا القيد يخرج اللف والنشر، وقد أهمله السكاكى فتوهم بعضهم أن التقسيم عنده أعَمُّ من اللف والنشر، وأقول إن ذكر الاضافة مُغْن عن هذا القيد، إذ ليس في اللف والنشر إضافة ما لكل إليه، بل يذكر فيه ما لكل حتى يضيفه السامع إليه ويرده [كقوله] أي قول الْمُتَلَمِّسِ [ولا يقيم على ضيم ]أي ظلم [يراد به *] الضمير عائد إلى المستثنى منه المقدَّر الْعَامِّ [إلا الأذلان] في الظاهر فاعل ـ لا يقيم ـ وفي التحقيق بدل، أي لا يقيم أحد على ظلم يقصد به إلا هذان [عير الحي] وهو الحمار [والوتد * هذا] أي عير الحي [على الخسف] أي الذل [مربوط برمته *] هي قطعة حبل بالية [وذا] أي الوتد [يشبح] أي يُدَقُّ ويشق رأسه [فلا يرثى] أي فلا يرق ولا يرحم [له أحد] ذكر العير والوتد، ثم أضاف إلى الأول الربط على الخسف وإلى الثاني الشج على التعيين، وقيل لا تعيين لأن ـ هذا وذا ـ متساويان في الاشارة إلى القريب، فكل منهما يحتمل أن يكون إشارة إلى العير وإلى الوتد، فالبيت من اللف والنشر دون التقسيم، وفيه نظر لانا لا نسلم التساوى، بل في حرف التنبيه إيماء إلى أن القرب فيه أقَلُّ بحيث يحتاج إلى تنبيه مَّا بخلاف المجرد عنها، فهذا للقريب أعني العير، وذا للأقرب أعنى الوتد، وأمثال هذه الاعتبارات لا ينبغى أن تهمل في عبارات البلغاء، بل ليست البلاغة إلا رعاية أمثال ذلك.

۵۲۰۱