وَمِنْهُ تَأْكِيدُ الذَّمِّ بِمَا يُشْبِهُ الْمَدْحَ، وَهُوَ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ صِفَةِ مَدْح مَنْفِيَّة عَنِ الشَّيْءِ صِفَةُ ذَمٍّ بِتَقْدِيرِ دُخُولِهَا كَقَوْلِكَ ـ فَلاَنٌ لاَ خَيْرَ فِيهِ إلاَّ أَنَّهُ يُسِىءُ إلَى مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهِ ـ وَثَانِيهِمَا أَنْ يُثْبَتَ لِلشَّيْءِ صِفَةُ ذَمٍّ وَتُعَقَّبَ بِأَدَاةِ اسْتِثْنَاء يَلِيهَا صِفَةُ ذَمٍّ أُخْرَى لَهُ كَقَوْلِكَ ـ فُلاَنٌ فَاسِقٌ إلاَّ أَنَّهُ جَاهِلٌ ـ وَتَحْقِيقُهُمَا عَلَى قِياسِ مَا مَرَّ.

وَمِنْهُ الاِسْتِتْبَاعُ، وَهُوَ الْمَدْحُ بِشَيْء عَلَى وَجْه يَسْتَتْبِعُ المَدْحَ بِشَيْء آخَرَ، كَقَوْلِهِ:

نَهَبْتَ مِنَ الْأَعْمَارِ ما لَوْ حَوَيْتَهُ

لَهُنِّئَتِ الدُّنْيا بِأَنَّكَ خَالِدُ


[ومنه] أي ومن المعنوى:

[تأكيد الذم بما يشبه المدح

وهو ضربان: أحدهما أن يستثني من صفة مدح منفية عن الشيء صفة ذم بتقدير دخولها [أي صفة الذم [فيها] أي في صفة المدح [كقولك ـ فلان لا خير فيه إلا أنه يسىء إلى من أحسن إليه ـ وثانيهما أن يثبت للشيء صفة ذم وتعقب بأداة استثناء يليها صفة ذم أخرى له] أي لذلك الشيء [كقولك ـ فلان فاسق إلا أنه جاهل] فالضرب الأول يفيد التأكيد من وجهين، والثاني من وجه واحد [وتحقيقهما على قياس ما مر] في تأكيد المدح بما يشبه الذم.

[ومنه] أي ومن المعنوى.

[الاستتباع

وهو المدح بشيء على وجه يستتبع المدح بشيء آخر، كقوله:

نهبت من الأعمار ما لو حويته

لَهنِّئَتِ الدنيا بأنك خالد(١)

__________________

(١) هو للمتنبى من قصيدة له في مدح سيف الدولة.

۵۲۰۱