أَقَصُرَتِ الصَّلاَةُ أَمْ نَسِيتَ: كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَعَلَيْهِ قَوْلهُ:

قَدْ أَصْبَحَتْ أُمُّ الْخِيارِ تَدَّعِى

عَلَّى ذَنْباً كُلُّهُ لَمْ أَصْنَعِ

وَأَمَّا تأْخِيرُهُ فَلاِقتضاءِ المقامِ تَقْدِيمَ المسْندِ.


[أقصرت الصلاة] بالرفع فاعل ـ أقصرت [أم نسيت] يا رسول الله[كل ذلك لم يكن ]هذا قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم، والمعنى لم يقع واحد من القصر والنسيان على سبيل شمول النفي وعمومه لوجهين: أحدهما أن جواب ـ أم ـ إمَّا بتعيين أحد الأمرين أو بنفيهما جميعا تخطئة للمستفهم، لا بنفي الجمع بينهما، لأنه عارف بأن الكائن أحدهما، والثاني ما روى أنه لما قال النبي عليه‌السلام: كل ذلك لم يكن ـ قال له ذو اليدين: بل بعض ذلك قد كان ـ ومعلوم أن الثبوت للبعض إنما ينافى النفي عن كل فرد لا النفي عن المجموع [وعليه] أي على عموم النفي عن كل فرد [قوله] أي قول أبي النجم.

[قد أصبحت أم الخيار تدعى

على ذنبا كله لم أصنع]

برفع ـ كله ـ على معنى لم أصنع شيئا مما تدعيه على من الذنوب، ولافادة هذا المعنى عدل عن النصب المستغنى عن الاضمار إلى الرفع المفتقر إليه، أي لم أصنعه.

[وأما تأخيره] أي تأخير المسند إليه [فلإ قتضاء المقام تقديم المسند] وسيجىء بيانه(١).

__________________

هذا وما نقله عن عبد القاهر لا يكاد يفترق عما نقله قبله، وإنما ذكره بعده لاستقامة أدلته ـ ومن أمثلة ذلك أيضا:

١ـ وما كُلُّ ذى لُبٍّ بِمُؤْتيك نُصْحَهُ

وما كُلُّ مُؤْت نصحه بلبيبِ

٢ـ ما كُلُّ رأي الفتى يدعو إلى رَشَدِ

إذا بدا لك رأيٌ مُشْكِلٌ فَقِفِ

٣ـ إنَّ المعلم والطبيب كِلاَهُمَا

لا ينصحان إذا هما لم يُكْرَمَا

(١) أي في باب المسند الآتى بعد هذا الباب.

۵۲۰۱