الاقْتِبَاسُ فَهُوَ أَنْ يُضَمَّنَ الْكَلاَمُ شَيْئاً مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ الْحَدِيثِ لاَ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ، كَقَوْلِ الْحرِيرِيِّ: فَلَمْ يَكُنْ إلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبْ، حَتَّى أَنْشَدَ فَأَغْرَبْ، وَقَوْلِ الآخَرِ:
إِنْ كُنْتَ أَزْمَعْتَ عَلَى هَجْرِنَا
مِنْ غَيْرِ مَا جُرْم فَصَبْرٌ جَمِيلْ
وَإِنْ تَبَدَّلْتَ بِنَا غَيْرَنَا
فَحَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلْ
وَقَوْلِ الْحَرِيرِيِّ: قُلْنَا شَاهَتِ الْوُجُوهْ، وَقُبِحَ اللُّكَعُ وَمَنْ يَرْجُوهْ، وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاد:
قَالَ لِي إنَّ رَقِيبِى
سَيىِّءُ الْخُلْقِ فَدَارِهْ
[أما الاقتباس
فهو أن يضمن الكلام] نظما كان أو نثرا [شيئا من القرآن أو الحديث لا على أنه منه] أي لا على طريقة أن ذلك الشيء من القرآن أو الحديث، يعني على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه منه، كما يقال في أثناء الكلام ـ قال الله تعالى كذا، وقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كذا، ونحو ذلك ـ فإنه لا يكون اقتباسا، وَمَثَّلَ للاقتباس بأربعة أمثلة: لأنه إما من القرآن، أو الحديث، وكُلٌّ منهما إما في النثر، أو في النظم، فالأول [كقول الحريري: فلم يكن إلا كلمح البصر أو هو أقرب، حتى أنشد فأغرب] والثاني مثل [قول الآخر: إن كنت أزمعت] أي عزمت [على هجرنا * من غير ما جرم فصبر جميل.
وإن تبدلت بنا غيرنا
فحسبنا الله ونعم الوكيل(١)
و] الثالث مثل [قول الحريري: قلنا شاهت الوجوه] أي قَبُحَتْ، وهو لفظ الحديث على ما روى أنه لما اشتد الحرب يوم حُنَيْن أخذ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كَفَّا من الْحَصْبَاءِ فرمى به وجوه المشركين وقال: شاهت الوجوه [وقبح] على المبنى للمفعول أي لُعِنَ من قَبَحَهُ الله ـ بالفتح أي أبعده عن الخير [اللكع] أي اللئيم ]ومن يرجوه، و] الرابع مثل [قول ابن عباد * قال] أي الحبيب ]لي إن رقيبى * سيىء الخلق فداره] من المداراة وهي
__________________
(١) البيتان لأبي القاسم بن الحسن الكاتبيِّ من شعراء الدولة العباسية.