الفَنُّ الثَّالِثُ: عِلْمُ الْبَدِيعِ
وَهُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ وُجُوهُ تَحْسِينِ الْكَلاَمِ بَعْدَ رِعايَةِ الْمُطَابَقَةِ وَوُضُوحِ الدِّلاَلَةِ.
وَهُوَ ضَرْبَانِ: مَعْنَوِيٌّ وَلَفْظِيٌّ.
أَمَّا الْمَعْنَوِيُّ
الفن الثالث: علم البديع
[وهو علم يعرف به وجوه تحسين الكلام] أي يتصور به معانيها ويعلم أعدادها وتفاصيلها(١) بقدر الطاقة، والمراد بالوجوه ما مر في قوله ـ وتتبعها وجوه أخر تورث الكلام حسنا(٢) وقَوْلُهُ [بعد رعاية المطابقة] لمقتضى الحال [و] رعاية [وضوح الدلالة] أي الْخُلُوِّ عن التعقيد المعنوى إشَارَةٌ إلى أن هذه الوجوه إنما تُعَدُّ محسنة للكلام بعد رعاية الأمرين، والظرف أعنى قوله ـ بعد رعاية ـ متعلق بقوله ـ تحسين الكلام.
[وهي] أي وجوه تحسين الكلام [ضربان: معنوى] أي راجع إلى تحسين المعنى أوَّلاً وبالذات، وإن كان قد يفيد بعضها(٣) تحسين اللفظ أيضا [ولفظى] أي راجع إلى تحسين اللفظ كذلك.
المحسنات المعنوية
[أما المعنوى] قَدَّمَهُ لأن المقصود الأصلى والغرض الأوَّلِي هو المعانى، والألفاظ
__________________
(١) يشير بهذا إلى أن المراد بقوله ـ يعرف ـ تصور معاني تلك الوجوه والتصديق بأعدادها وتفاصيلها، وليس المراد به الادراكات الجزئية المتعلقة بالفروع المستخرجة من القواعد كما سبق في علم المعاني والبيان، لأنه لا قواعد لهذا العلم.
(٢) أنظر ص ٣٤ من الجزء الأول.
(٣) وهذا كما في المشاكلة لما فيها من إيهام المجانسة.