وَأَمَّا التَّمْلِيحُ فَهُوَ أَنْ يُشَارَ إلَى قِصَّة أَوْ شِعْر مِنْ غَيْرِ ذِكْرِهِ: كَقَوْلِهِ:

فَوَ اللهِ مَا أَدْرِى أَأَحْلاَمُ نَائِم

أَلَمَّتْ بِنَا أَمْ كانَ فِي الرَّكْبِ يُوشَعُ

أَشَارَ إلَى قِصَّةِ يُوشَعَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَاسْتِيقَافِهِ الشَّمْسَ،


التلميح]

صَحَّ بتقديم اللام على الميم من ـ لمحه إذا أبصره ونظر إليه ـ وكثيرا ما تسمعهم يقولون ـ لمح فلان هذا البيت فقال كذا وفي هذا البيت تلميح إلى قول فلان ـ وأما التمليح بتقديم الميم على اللام بمعنى الاتيان بالشيء المليح كما مر في التشبيه والاستعارة فهو ههنا غلط محض وإن أُخِذَ مذهبا(١) [فهو أن يشار] في فَحْوَى الكلام(٢) [إلى قصة أو شعر] أو مَثَل سائر [من غير ذكره] أي ذكر كل واحد من القصة أو الشعر وكذا المثل، فالتمليح إما في النظم أو في النثر، والمشار إليه في كل منهما إما أن يكون قصة أو شعرا أو مثلا، تصير ستة أقسام، والمذكور في الكتاب مثال التلميح في النظم إلى القصة والشعر [كقوله:

فو الله ما أدرى أأحلام نائم

ألمت بنا أم كان في الركب يوشع(٣)]

وصف لحوقه بالأحبة المرتحلين وطلوع شمس وجه الحبيب من جانب الْخِدْرِ في ظلمة الليل، ثم استعظم ذلك واستغرب وتجاهل تَحَيُّراً وَتَدَلُّهاً وقال: أهذا حلم أراه في النوم، أم كان في الركب يوشع النبي عليه‌السلام فَرَدَّ الشمس [إشارة إلى قصة يوشع عليه السلام واستيقافه الشمس] على ما روى من أنه قاتل الجبارين يوم الجمعة، فلما

__________________

(١) أي قيل إنه والتلميح شيء واحد، وفسر بما هنا.

(٢) أي في أثنائه، وقيل إن ـ في ـ بمعنى الباء، والمراد الاشارة بقوة الكلام وقرائنه التي يشتمل عليها.

(٣) هو لأبي تمام، وألمت بمعنى نزلت، وقبله:

لحقنا بأخراهم وقد حَوَّمَ الهوى

قلوباً عهدنا طيرها وهْيَ وُقَّعُ

فَرُدَّتَ علينا الشمس والليل رَاغِمٌ

بشمس لهم من جانب الْخِدْرِ تطلع

۵۲۰۱