فَصلٌ

قَدْ يُضْمَرُ التَّشْبِيهُ في النَّفْسِ فَلاَ يُصَرَّحُ بِشَيء مِنْ أَرْكَانِهِ سِوَى الْمُشَبَّهِ وَيُدَلُّ عَلَيْهِ بِأَنْ يُثْبَتَ لِلْمُشَبَّهِ أَمْرٌ مُخْتَصُّ بِالْمُشَبَّهِ بِهِ، فَيُسَمَّى التَّشْبِيهُ اسْتِعَارَةً بِالْكِنَايَةِ أَوْ مَكْنِيّاً عَنْهَا، وَإثْبَاتُ ذلِكَ الْأَمْرِ


[فصل] في بيان الاستعارة بالكناية والاستعارة التخييلية

ولما كانتا عند المصنف(١) أمرين معنويين غير داخلين في تعريف المجاز أورد لهما فصلا على حِدَة ليستوفى المعاني التي يطلق عليها لفظ الاستعارة فقال [قد يضمر التشبيه في النفس فلا يصرح بشيء من أركانه سوى المشبه] وأما وجوب ذكر المشبه به فإنما هو في التشبيه المصطلح عليه، وقد عرفت أنه غير الاستعارة بالكناية [ويدل عليه] أي على ذلك التشبيه المضمر في النفس [بأن يثبت للمشبه أمر مختص بالمشبه به] من غير أن يكون هناك أمر مُتَحَقِّقٌ حِسّاً أو عقلا يطلق عليه اسم ذلك الأمر [فيسمى التشبيه] المضمر في النفس [استعارة بالكناية أو مكنيا عنها] أما الكناية فلأنه لم يصرح به، بل إنما دل عليه بذكر خَوَاصِّهِ ولوازمه، وأما الاستعارة فَمُجَرَّدُ تسمية خالية عن المناسبة(٢) [و] يسمى [إثبات ذلك الأمر] المختص بالمشبه به

__________________

(١) والمذاهب في الاستعارة بالكناية ثلاثة: أحدها مذهب السلف أنها اسم المشبه به المستعار في النفس للمشبه، وأن إثبات لازمه للمشبه استعارة تخييلية، وثانيها مذهب السكاكى أنها لفظ المشبه المستعمل في المشبه به ادعاء بقرينة استعارة ما هو من لوازم المشبه به لصورة متوهمة شبهت به أثبتت للمشبه، وثالثها مذهب المصنف أنها التشبيه المضمر في النفس المدلول عليه باثبات لازم المشبه به للمشبه، وهو الاستعارة التخيلية، ومن هذا يعلم أن في التخييلية مذهبين مذهب السلف والمصنف أنها إثبات لازم المشبه به للمشبه، ومذهب السكاكى أنها اسم لازم المشبه به المستعار للصورة الوهمية التي أثبتت للمشبه.

(٢) الحق أن المناسبة موجودة لما فيه من ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به حتى استحق خَوَاصَّهُ، وذلك الادعاء شأن الاستعارة.

۵۲۰۱