أَوْ يُعْطِى وَيَمْنَعُ ـ وَلِهذَا عِيبَ عَلَى أَبِى تَمّام قَولهُ:

لاَ وَالَّذِي هُوَ عالِمٌ أَنّ النَّوى

صَبِرٌ وَأَنَّ أَبَا الحُسَيْنِ كَرِيمُ

وَإلاَّ فُصِلَتْ


الكتابة والشعر من التناسب الظاهر [أو يعطى ويمنع] لما بين الاعطاء والمنع من التضاد، بخلاف نحو ـ زيد يكتب ويمنع أو يعطي ويشعر ـ وذلك لئلا يكون الجمع بينهما كالجمع بين الضَّبِّ والنون(١) وقوله ـ ونحوه أراد به ما يدل على التشريك كالفاء وثم وحتى، وذِكْرُهُ حَشْوٌ مُفْسِدٌ، لأن هذا الحكم مختص بالواو، لأن لكل من الفاء وثم وحتى معنى مُحَصَّلاً غير التشريك والْجمْعِيَّة، فإن تحقق هذا المعني حسن العطف وإن لم توجد جهة جامعة(٢) بخلاف الواو [ولهذا] أي ولأنه لابد في الواو من جهة جامعة [عيب على أبي تمام قوله:

لا والذي هو عالم أن النوى

صبر وأن أبا الحسين كريم] (٣)

إذ لا مناسبة بين كرم أبي الحسن ومرارة النوى، فهذا العطف غير مقبول سواء جعل عطف مفرد على مفرد كما هو الظاهر، أو عطف جملة على جملة باعتبار وقوعه موقع مفعولى ـ عالم ـ لأن وجود الجامع شرط في الصورتين، وقوله ـ لا ـ نفي لما ادعته الحبيبة عليه من اندراس هواه، بدلالة البيت السابق(٤).

[وإلا] أي وإن لم يقصد تشريك الثانية للأولى في حكم إعرابها [فصلت] الثانية

__________________

(١) في عدم التناسب لأن النون وهو الحوت حيوان بحري، والضب حيوان برى.

(٢) نحو قولك ـ خرجت فأمطرت السماء.

(٣) النوى الفراق، والصبر بفتح الصاد وكسر الباء عُصَارَةُ شجر مُرٍّ، وأبو الحسين هو محمد بن الهيثم الذي مدحه أبو تمام بهذه القصيدة.

(٤) وهو قوله:

زعمتْ هواك عَفَا الغداةَ كما عفا

عنها طُلُولٌ باللِّوَي ورُسُومُ

۵۲۰۱