وَمِنْهُ التَّعْبيرُ عَنِ المُسْتَقْبَلِ بِلَفْظِ الماضِى تَنْبِيهاً عَلَى تَحَققِ وقُوعِه نَحْوُ ـ وَيَوْمَ يُنْفَخُ في الصورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّموات وَمنْ في الاْرْضِ ـ وَمِثْلهُ ـ وَإنَّ الدّينَ لَوَاقِعٌ ـ ونَحْوُهُ ـ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لهُ النّاسُ ـ


التعبير عن المستقبل بلفظ الماضى

[ومنه] أي من خلاف مقتضى الظاهر [التعبير عن] المعنى [المستقبل بلفظ الماضى تنبيها على تحقق وقوعه(١) نحو ـ ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض] بمعنى ـ يَفْزَعُ [ومثله] التعبير عن المستقبل بلفظ اسم الفاعل(٢)، كقوله تعالى [وإن الدين لواقع] مكان ـ يَقَعُ [ونحوه] التعبير عن المستقبل بلفظ اسم المفعول، كقوله تعالى [ذلك يوم مجموع له الناس] مكان ـ يُجْمَعُ، وههنا بحث وهو أن

__________________

الحكيم.

تطبيقات على الأسلوب الحكيم:

١ـ قلتُ ثَقَّلتُ إذ أتيتُ مِرَاراً

قال ثَقَّلْتَ كاهلى بالأيادي

٢ـ أَتتْ تشتكى عندى مُزَاوَلَةَ الْقِرَي

وقد رأتِ الضِّيفانَ يَنْحُونَ منزلِى

فقلتُ كأنى ما سمعتُ كلامَهَا

هُمُ الضَّيْفُ جِدِّى في قِرَاهم وعَجِّلى

فالأول وقع فيه لفظ (ثقلت) في كلام المتكلم بمعنى حملتك المؤونة، فحمله المخاطب على تثقيل عاتقه بالمنن والأيادى، والثاني من تلقى السائل بغير ما يتطلب، تنبيها على أن الأولى بها الاستعداد لهم، لا الشكوي منهم.

أمثلة أخرى:

١ـ قالوا سلوتَ لِبُعْدِ الالْفِ قلتُ لهم

سلوتُ عن صحتى والْبُرْء من سَقمِى

٢ـ وإخوانِ حسبتُهُمُ دُرُوعاً

فكانوها ولكن للأعادِى

وقالوا قد صفَتْ منا قلوبٌ

نعم صدقوا ولكن عن وِدَادِ

(١) وكذلك التعبير عن الماضى بلفظ المستقبل، كقوله تعالى ـ ﴿وَاتُّبَعُوا ما تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمـَانَ ـ أي ما تلت.

(٢) لأن اسم الفاعل حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال كما سيأتى، وكذا اسم المفعول.

۵۲۰۱