الْكَلاَمَ حُسْناً.

وَفِي المُتَكَلِّمِ مَلَكَةٌ يَقتَدِرُ بِها عَلَى تَأْلِيفِ كَلاَم بَلِيغِ.

فَعُلِمَ أَنَّ كُلَّ بَلِيغ فَصِيحٌ وَلاَ عكْسَ وَأَنَّ الْبَلاَغَةَ مَرْجِعُها


الكلام حسنا] وفي قوله ـ تتبعها ـ إشارة إلى أن تحسين هذه الوجوه للكلام عَرَضى خارجٌ عن حد البلاغة، وإلى أن هذه الوجوه إنما تعد محسنة بعد رعاية المطابقة والفصاحة، وجَعَلَهَا تابعة لبلاغة الكلام دون المتكلم لأنها ليست مما تجعل المتكلم متصفا بصفة.

[و] البلاغة [في المتكلم ملكة يقتدر بها على تأليف كلام بليغ].

[فعلم] مما تقدم [أن كل بليغ] كلاما كان أو متكلما على سبيل استعمال المشترك في معنييه، أو على تأويل كل ما يطلق عليه لفظ البليغ [فصيح] لأن الفصاحة مأخوذة في تعريف البلاغة مطلقا [ولا عكس] بالمعنى اللغوى أي ليس كل فصيح بليغا، لجواز أن يكون كلام فصيح غير مطابق لمقتضى الحال(١) وكذا يجوز أن يكون لأحد ملكة يقتدر بها التعبير عن المقصود بلفظ فصيح من غير مطابقة لمقتضى الحال.

[و] علم أيضا [أن البلاغة] في الكلام [مرجعها] أي ما يجب أن يحصل حتى

__________________

(١) ومن هذا قول نصيب في النسيب:

فإن تَصِلِي أَصِلْكِ وإن تعودِي

لَهِجْر بعد وصلكِ لا أُبَالِى

فإن مثل هذا لا يصح أن يقال في مقام النسيب، وكذلك قول جميل:

فلو تركتْ عقلى معي ما طلبتُهَا

ولكن طِلاَبِيهَا لما فات من عقلى

زعم أنه يهواها لذهاب عقله، ولو كان عاقلا ما هويها، وإنما الجيد في ذلك قول بعضهم:

وما سَرَّنِى أَنِّي خَلِيٌّ من الهوي

ولو أن لي مِنْ بَيْنِ شرق إلى غَرْبِ

فإنْ كان هذا الْحُبُّ ذنبى اليكُم

فلا غفر الرحمنُ ذلك من ذَنْبِ

۵۲۰۱