وَأَمَّا الْعَطْفُ فَلِتَفْصِيلِ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ مَعَ اخْتِصَار، نَحْوُ ـ جَاءَنِى زَيْدٌ وَعَمْرٌو،


التقرير فيهما أن المتبوع يشتمل على التابع إجمالا حتى كأنه مذكور، أما في البعض فظاهر، وأما في الاشتمال فلأن معناه أن يشتمل المبدل منه على البدل لا كاشتمال الظرف على المظروف، بل من حيث كَوْنَهُ مشعرا به إجمالا ومتقاضيا له بوجه ما،

بحيث تبقى النفس عند ذكر المبدل منه متشوقة إلى ذكره منتظرة له، وبالجملة يجب أن يكون المتبوع فيه بحيث يطلق ويراد به التابع، نحو ـ أعجبنى زيد ـ إذا أعجبك علمه، بخلاف ـ ضربت زيدا ـ إذا ضربت حماره ولهذا صرحوا بأن نحو ـ جاءنى زيد أخوه ـ بدل غلط لا بدل اشتمال كما زعم بعض النحاة، ثم بدل البعض والاشتمال بل بدل الكل أيضا لا يخلو عن إيضاح وتفسير، ولم يتعرض لبدل الغلط لأنه لا يقع في فصيح الكلام(١).

[وأما العطف] أي جعل الشيء معطوفا على المسند إليه [فلتفصيل المسند إليه مع اختصار نحو ـ جاءنى زيد وعمرو] فإن فيه تفصيلا للفاعل بأنه زيد وعمرو من غير دلالة على تفصيل الفعل بأن المجيئين كانا معا أو مرتبين مع مهلة أو بلا مهلة، واحترز بقوله ـ مع اختصار ـ عن نحو ـ جاءنى زيد وجاءنى عمرو ـ فإن فيه تفصيلا للمسند إليه مع أنه

__________________

(١) وقد يقع فيه إذا كان بدل بداء، وهو أن تذكر المبدل منه عن قصد ثم تذكر البدل بعده فتوهم أنك غالط لقصد المبالغة والتفنن، فيستحسن البدل في هذا كما يستحسن في العطف ببل، نحو قوله:

ألْمَعُ برق سَرَى أم ضوءُ مصباحِ

أمِ ابتسامتُهَا بالمنظر الضَّاحِي

تطبيقات على تقييد المسند إليه بالبدل:

١ـ قوله تعالى ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً.

٢ـ بلغنا السماءَ مَجْدُنَا وَسَنَاؤُنَا

وإنا لنرجو فوق ذلك مَظْهَرَا

أبدل في الأول لفظ ـ من استطاع ـ من المسند إليه بدل اشتمال، وفي الثاني لفظ ـ مجدنا ـ بدل اشتمال أيضا، لزيادة التقرير والإيضاح.

۵۲۰۱