لاَ خَيْلَ عِنْدَكَ تُهْدِيهَا وَلاَ مَالُ

فَلْيُسْعِدِ النُّطْقُ إنْ لَمْ يُسْعِد الحَالُ

وَمِنْهُ الْمُبَالَغَةُ الْمَقْبُولَةُ، وَالْمُبَالَغَةُ أنْ يُدَّعَى لِوَصْف بُلُوغُهُ في الشِّدَّةِ أوِ الضَّعْفِ حَدَّا مُسْتَحِيلاً أوْ مُسْتَبْعَداً لِئَلاَ يُظَنَّ أنَّهُ غَيْرُ مُتنَاه فِيهِ، وَتَنْحَصِرُ في التَّبْلِيغِ وَالاْغْرَاقِ وَالْغُلُوِّ،


وبيان التجريد في ذلك أنه ينتزع من نفسه شخصا آخر مثله في الصفة التي سِيقَ لها الكلام ثم يخاطبه [كقوله:

لا خيل عندك تهديها ولا مال

فليسعد النطق إن لم يسعد الحال(١)]

أي الغنى، فكأنه انتزع من نفسه شخصا آخر مثله في فَقْدِ الخيل والمال وخاطبه.

[ومنه] أي ومن المعنوى.

[المبالغة المقبولة]

لأن المردودة لا تكون من الْمُحَسِّنات، وفي هذا إشارة إلى الرد على من زعم أن المبالغة مقبولة مطلقا، وعلى من زعم أنها مردودة مطلقا، ثم إنه فسر مطلق المبالغة وبَيَّنَ أقسامها والمقبول منها والمردود فقال [والمبالغة] مطلقا [أن يدعى لوصف بلوغه في الشدة أو الضعف حدا مستحيلا أو مستبعدا] وإنما يدعى ذلك [لئلا يظن أنه] أي ذلك الوصف [غير متناه فيه] أي في الشدة أو الضعف، وتذكير الضمير وإفراده باعتبار عوده إلى أحد الأمرين [وتنحصر] المبالغة [في التبليغ والاغراق والغلو]

__________________

(١) هو للمتنبى.

ومن التجريد أيضا:

١ـ وَدِّعْ هُرَيْرَةَ إن الرَّكْبَ مَرْتَحِلُ

وهل تطيق وداعاً أيُّهَا الرَّجُلُ

٢ـ بنتاهُ يا كَبِدِى ولوعة مُهْجَتِى

قد زال صَفْوٌ شَأنَهُ التَّكديرُ

لا تُوصِ ثَكْلَى قد أصاب فؤادها

حزنٌ عليك وحسرةٌ وزَفِير

۵۲۰۱