مَدَحَهُ بِالنِّهَايَةِ في الشَّجَاعَةِ عَلَى وَجْه اسْتَتْبعَ مَدْحَهُ بِكَوْنهِ سَبَباً لِصَلاَحِ الدُّنْيَا وَنِظَامِهَا، وَفِيهِ أَنَّهُ نَهَبَ الْأَعْمَارَ دُونَ الْأَمْوَالِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ ظَالِماً في قَتْلِهِمْ.

وَمِنْهُ الاْدْمَاجُ، وَهُوَ أَنْ يُضَمَّنَ كَلاَمٌ سِيقَ لِمَعْنىً


مدحه بالنهاية في الشجاعة] حيث جعل قتلاه بحيث يُحَلَّدُ وارثُ أعمارهم [على وجه استتبع مدحه بكونه سببا لصلاح الدنيا ونظامها] إذ لا تهنئة لأحد بشيء لا فائدة له فيه، قال علي بن عيسى الرَّبِعىُّ [وفيه] أي في البيت وجهان أخران من المدح: أحدهما [أنه نهب الأعمار دون الأموال] كما هو مقتضى علو الهمة، وذلك مفهوم من تخصيص الأعمار بالذكر والاعراض عن الأموال مع أن النهب بها أليق، وهم يعتبرون ذلك في الْمُحَاوَرَاتِ وَالْخَطَابِيَّاتِ وإن لم يعتبره أئمة الأصول(١) [و] الثاني [أنه لم يكن ظالما في قتلهم] وإلا لما كان للدنيا سرور بخلوده.

[ومنه] أي ومن المعنوى.

[الادماج]

يقال ـ أدْمَجَ الشيء في ثوبه إذا لَفَّهُ فيه [وهو أن يضمن(٢) كلام سيق لمعنى] مدحا

__________________

تطبيقات على تأكيد المدح بما يشبه الذم وعكسه:

١ـ قوله تعالى ـ ﴿لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً إلاَّ سَلاَماً وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِياً.

٢ـ فما كان في قَيْس من ابْنِ حَفِيظَة

يُعَدُّ وَلكِنْ كُلُّهُمْ نَهْبُ أشْقَرَا

الأول من تأكيد المدح بما يشبه الذم، والثاني من تأكيد الذم بما يشبه المدح، وأشقر رجل نهب صندوقا ظن فيه مالاً ففتحه فإذا فيه عظام، فضرب مثلا لما لا خير فيه.

(١) فلا يفيد الحصر عندهم، لأنه لقب وهو لا مفهوم له كقولك ـ على زيد حج.

(٢) فيجب في المعنى المدمج ألا يكون مصرحا به وألا يكون في الكلام إشعار بأنه مسوق لأجله، ولهذا لم يكن من الادماج قول الشاعر:

أبَى دهرُنَا إسعافَنَا في نفوسنا

وأسعفنا فيمن نُحِبُّ ونكرمُ

فقلتُ له نُعْمَاكَ فيهم أتمها

ودَعْ أمرنا إن الْمُهِمَّ المقدَّم

وقد قيل إن هذا الكلام مسوق للتهئنة بالوزارة، وضمن ذلك الشكوي من الدهر فكانت إدماجا، وهذا سهو لأنه صرح بالشكاية أولا في قوله ـ أبى دهرنا إسعافنا ـ فكيف تكون مدمجة؟

۵۲۰۱