وَمِنْهُ الْهَزْلُ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْجِدُّ، كَقَوْلِهِ:

إذَا مَا تَمِيمِيٌّ أَتَاكَ مُفَاخِراً

فَقُلْ عَدِّ عَنْ ذَا كَيْفَ أَكْلُكَ لِلضَّبِّ

وَمِنْهُ تَجاهُلُ الْعارِفِ، وَهُوَ كما سَمَّاهُ السَّكَّاكِيُّ سَوْقُ الْمَعْلُومِ مَسَاقَ غَيْرِهِ لِنُكْتَة، كالتَّوْبِيخِ في قَوْلِ الْخَارِجِيَّةِّ:

أَيا شَجَرَ الْخَابُورِ مالَكَ مُوْرِقاً

كأنَّكَ لَمْ تَجْزَعْ عَلَى ابْنِ طَرِيفِ


[ومنه] أي ومن المعنوى.

[الهزل الذي يراد به الجد(١)

كقوله:

إذا ما تميمى أتاك مفاخرا

فقل عدعن ذا كيف أكلُك للضب(٢)]

[ومنه] أي ومن المعنوي.

[تجاهل العارف

وهو كما سماه السكاكى سوق المعلوم مساق غيره لنكتة] وقال: لا أحب تسميته بالتجاهل لوروده في كلام الله تعالى(٣) [كالتوبيخ في قول الخارجية: أيا شجر الخابور] هو نهر من ديار بكر [مالك مورقا *] أي ناضراً ذا ورق [كأنك لم تجزع على ابن طريف(٤)

__________________

فالأول يحتمل المدح ويكون المقتول منهم، وتكون الرماح المتكسرة رماح أعدائهم، ويحتمل الذم ويكون المقتول من أعدائهم، والثاني يحتمل المدح والذم أيضا في قوله ـ ولله سر في علاك.

(١) وهو أن يذكر شيء على سبيل اللعب والمباسطة ويقصد به أمر صحيح في الحقيقة.

(٢) هو لأبي نواس، والشاهد في قوله ـ كيف أكلك للضب ـ فهو هزل ظاهر، ولكنه يريد به الجد وهو الذم وأنه لا مفاخرة معه.

ومن الهزل الذي يراد به الجد:

سلبتْ محاسنُكَ الغزالَ صفاته

حتَّى تحيَّر كُلُّ ظبى فِيكَا

لك جِيدُه ولِحَاظُه ونِفَارُهُ

وكذا نَظِيرُ قرونه لاِبِيكَا

(٣) كقوله تعالى ﴿وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى.

(٤) البيت للبلى بنت طريف الشيباني من شاعرات الدولة العباسية في رثاء أخيها الوليد، والشاهد في أنها تعلم أنه لا يجزع عليه، ولكنها تجاهلت ذلك واستعملت كأن للدلالة على الشك.

۵۲۰۱