وَمِنْهُ الرُّجُوعُ، وَهُوَ الْعَوْدُ إلَى الْكَلاَمِ السَّابِقِ بالنَّقْضِ لِنُكْتَة، كَقَوْلِهِ:

قِفْ بالدِّيَارِ الَّتِي لَمْ يُعْفِهَا الْقِدَمُ

بَلَى وَغَيَّرهَا الْأَرْوَاحُ وَالدِّيَمُ

وَمِنْهُ التَّوْرِيَةُ، وَهِيَ أَنْ يُطْلَقَ لَفْظٌ لَهُ مَعْنيَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ وَيُرَادَ الْبَعِيدُ،


على هن، وهما لفظان وقع أحدهما في جانب المسند إليه والآخر في جانب المسند.

[ومنه] أي ومن المعنوى.

[الرجوع

وهو العود إلى الكلام السابق بالنقض] أي بنقضه وإبطاله [لنكتة(١) كقوله: قف بالديار التي لم يعفها القدم *] أي لم يُبْلهَا تَطَاوُلُ الزمان وتَقَادُمُ العهد، ثم عاد إلى ذلك الكلام ونقضه بقوله [بلى وغيرها الأرواح والديم(٢)] أي الرياح والأمطار، والنكتة إظهار التَّحَيُّرِ والتَّوَلُّهِ، كأنه أخبر أوَّلاً بما لا تَحَقُّقَ له، ثم أفاق بعض الافاقة فنقض الكلام السابق قائلا بلى عفاها القدم وغيرها الأرواح والديم.

[ومنه] أي ومن المعنوى.

[التورية]

وتسمي الايهام أيضا، وهي أن يطلق لفظ له معنيان قريب وبعيد ويراد البعيد] اعتمادا

__________________

(١) احترز بذلك عن العود إليه بالنقض لمجرد كونه غلطا، فليس هذا من البديع في شيء والرجوع يكون بألفاظ منها ـ بَلَى، ولا، وأستغفر الله.

(٢) البيت لزهير بن أبي سُلْمَى، والواو في قوله ـ وغيرها ـ للعطف على محذوف تقديره بلى عفاها القدم.

ومن الرجوع أيضا:

١ـ لِجنِّيَّة أم غادة رُفِع السجْفُ

لِوَحْشِيَّةِ لا ما لوحشية شَنْفُ

٢ـ لَمْ يَبْقَ في الأرض من شيء أهَابُ لَهُ

فَلِم أهاب انكسارَ الْجَفْنِ ذى السَّقَمِ

أستغفر الله من قولى غلطتُ بلى

أهابُ شمس الْمَعَالِى أُمَّة الأمم

۵۲۰۱