وَأَمَّا تَوْكِيدُهُ فَلِلتَّقْرِيرِ أَوْ دَفْعِ تَوَهُّمِ التَّجَوُّزِ أَوِ السَّهْوِ أَوْ عَدَمِ الشُّمُولِ.


[وأما توكيده] أي توكيد المسند إليه [فللتقرير] أي تقرير المسند إليه، أي تحقيق مفهومه ومدلوله، أعنى جعله مستقرا محققا ثابتا بحيث لا يُظَنُّ به غيره، نحو ـ جَاءَنِي زَيْدٌ زَيْدٌ ـ إذا ظن المتكلم غفلة السامع عن سماع لفظ المسند إليه أو عن حمله على معناه، وقيل المراد تقرير الحكم، نحو ـ أنَا عَرَفْتُ ـ أو المحكوم عليه نحو ـ أنَا سَعَيْتُ فِي حَاجَتِكَ وَحْدِي أوْ لاَ غَيْرِي ـ وفيه نظر لأنه ليس من تأكيد المسند إليه في شيء(١)وتأكيد المسند إليه لا يكون لتقرير الحكم قط، وسيصرح المصنف رحمه‌الله بهذا [أو لدفع توهم التجوز] أي التكلم بالمجاز، نحو ـ قَطَعَ اللِّصَّ الأمِيرُ الاميرُ، أوْ نَفْسُهُ، أوْ عَيْنُهُ ـ لئلا يتوهم أن إسناد القطع إلى الأمير مجاز، وإنما القاطع بعض غلمانه [أو] لدفع توهم [السهو] نحو ـ جَاءَنِى زَيْدٌ زَيْدٌ ـ لئلا يتوهم أن الجائى غير زيد، وإنما ذكر زيد على سبيل السهو [أو] لدفع توهم [عدم الشمول] نحو ـ جَاءَنِي الْقَوْمُ كُلُّهُمْ أوْ أجْمَعُونَ ـ لئلا يتوهم أن بعضهم لم يجىء إلا أنك لم تعتد بهم، أو أنك جعلت الفعل الواقع من البعض كالواقع من الكل، بناء على أنهم في حكم شخص واحد، كقولك ـ بنو فلان قتلوا زيدا، وإنما قتله واحد منهم.

__________________

٢ـ لاَيَبْعُدَنَّ قَوْمِي الَّذِينَ هُمُ

سُمُّ الْعُدَاةِ وآفةُ الْجُزُرِ

فوصف المسند إليه في البيت الأول بقوله ـ العاصى ـ لقصد الترحم، وفي الثاني بقوله ـ الذين هم سم العداة ـ لقصد المدح.

(١) وإنما هو من تأكيد الحكم أو تأكيد التخصيص على ما سيأتي.

تطبيقات على تقييد المسند إليه بالتوكيد:

١ـ قوله تعالى ﴿فَسَجَدَ الْمَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ.

٢ـ فِدَاكَ حَيُّ خَوْلاَنُ

جَمِيعُهُمُ وَهَمْدَانُ

التوكيد فيها لدفع توهم عدم الشمول.

۵۲۰۱